عتم الكون بظلام البصيرة .. وتلك عتمة غشيت قلوباً توحلت في المتاهات .. في محيط من الضياع لا سواحل له بأجنحة كالبحار .. والنفوس في ضياع تخاف مجاهل الصمت والظلام .. وهناك عتمة كالحة حيث لا نبراس ولا ممسك لبنان يقود لبر الأمان .. وصوت ناقوس يدق وينذر بأخطار تحدق من كل الجوانب .. والناس في محنـة النفوس تائهون ويفقدون صواب الاتجاهات .. تارة تقودهم الأقدام يميناً وتارة يساراً .. عالم بعدت عن مسارات الأنوار الربانية فقادتهم الأهواء إلى مجاهل التيه والضلال والضياع .. وهناك في الأرض رسالة جاء بها أحمد سيد الأنبياء .. ( عليه الصلاة والسلام ) .. رسالة من تمسك بها لن يضل من بعد أحمد أبداً .. ولكن كان للشيطان صولات وجولات .. وللأنفس شهوات ورغبات .. فالتقت مكائد الشيطان بأهواء الأنفس .. وذاك موكب الشيطان في زمرته كثرة خلق ولكن كثرة في غثاء الزبد .. يميلون حيث مال الشيطان .. بل تفوق البعض على الشيطان في كبائر الذنوب .. حيث أن البعض أنكر تواجد رب العالمين مع أن الشيطان يقر بذلك .. مرحلة في حياة الإنسانية نالت حظها من المعاصي بكبائر عذب الله أمماً في مثلها من قبل .. كبائر تقشعر لها الأبدان .. أبت نفوس كثيرة نور الإسلام ذلك الهدى الذي يتواجد .. وهو آخر الرسالات للناس من رب العالمين .. وقد بقي ذلك النبراس في الأرض يمثل الأمل الوحيد .. ويمثل الصوت الوحيد الذي ينادي ويرشد الناس لكي يخرجوا من الظلمات إلى النور .. ولكن كم من أمم أدارت ظهرها لذاك المنادي ثم فضلت ظلمة البصيرة والبصائر .. ثم إذا ألح المنادي للهداية جعلوا أصابعهم في آذانهم ثم استكبروا استكباراً .. أمم ترى الدنيا هي المثلى ولا غيرها تستحق .. أمم تدعي العلوم والمعرفة والثقافة .. ولكنها لم تكن في زمرة أولي الألباب الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض .. عناداً وبطراً وتكبراً .. جعلت الدنيا أكبر همها ومبلغ علمها .. فاتسعت أمامها مجاهل الرمضاء .. وامتدت أمامها مساحات الظلمة والضلال .. فوجدت نفسها في قفار وصحراء وجدب وقحط في سرائرها .. نفوس لم تعش لحظة مطمئنة للمآل .. وجلة وخائفة من قادم مجهول .. وفي أعماقها فطرة إنسانية تشير لها من وقت لآخر بأن هناك آت .. وهناك جنة ونار .. ولكن هيهات هيهات .
أولئك التائهون في ظلمات الهوى .. والضائعون في مجاهل المعاصي .. والراحلون في ركب الشيطان .. والخائضون مع الخائضين .. والمكذبون بيوم الدين .. والمتنافسون من أجل الدنيا الزائلة .. هناك صوت يناديهم .. وهو صوت الإسلام .. وهو الصوت الوحيد الذي يمثل طوق النجاة .. لمن أراد الخلاص من حياة العزاب والإفراط .. والتخلص من معاناة الرمضاء في السريرة .. والاطمئنان في الحياة الدنيا وفي الآخرة .. صوت يمثل رحمة للعالمين من رب كريم .. فاللبيب من توقف لحظة وأستمع لذلك المنادي .. ثم توجه تلقاء ذلك الصوت .. والمحظوظ حقاً هو من كان ذلك الصوت نبراساً إلى قلبه فتلبى النداء .. والشقي من يهرب من صوت الحق إلى أعماق الغياهب والفجور .. ويبتعداً معترضاً ويهرب كأنه في زمرة حمر مستنفرة فرت من قسورة . وذلك هو الخسران المبين .