أبطال هذه الحادثة الواردة في سورة النساء، جماعة من اليهود، كانوا يسكنون في قرية ساحلية. اختلف المفسّرون في اسمها، ودار حولها جدل كثير، أما القرآن الكريم، فلا يذكر الاسم ويكتفي بعرض القصة لأخذ العبرة منها. وكان اليهود لا يعملون يوم السبت، وإنما يتفرغون فيه لعبادة الله، فقد فرض الله عليهم عدم الإنشغال بأمور الدنيا يوم السبت، بعد أن طلبوا منه سبحانه أن يخصص لهم يوما للراحة والعبادة، لا عمل فيه سوى التقرب لله بأنواع العبادة المختلفة. لقد ابتلاهم الله عز وجل، بأن جعل الحيتان تأتي يوم السبت للساحل، وتتراءى لأهل القرية، بحيث يسهل صيدها، ثم تبتعد بقية أيام الأسبوع، فاحتال بعضهم وبدأوا بالصيد يوم السبت ليس مباشرة، وإنما أقاموا الحواجز والحفر، فإذا قدمت الحيتان يوم السبت حاصروها، ثم اصطادوها يوم الأحد. وانقسم أهل القرية لثلاث فرق، فرقة عاصية، تصطاد بالحيلة، وفرقة لا تعصي الله، وتقف موقفا إيجابيا مما يحدث، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتحذّر المخالفين من غضب الله، وفرقة ثالثة، سلبية، لا تعصي الله، لكنها لا تنهى عن المنكر، وكان هناك جدال بين الناهون عن المنكر والآمرون بالمعروف والآخرين الذين لم يعصوا الله، لكنهم وقفوا موقفا محايدا. وقال الناهون عن المنكر إنما نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر لنرضي الله سبحانه، ولا تكون علينا حجة يوم القيامة، وجاء أمر الله، وحل بالعصاة العذاب، فعذّب الله العصاة وأنجى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، أما الفرقة الثالثة، التي لم تعص الله لكنها لم تنه عن المنكر، فقد سكت النصّ القرآني عنها، فقال المفسرون لأنها سكتت عن إنكار المنكر استحقت الإهمال، وقد مسخ الله العصاة، وحوّلهم إلى قردة عقابا لهم لإمعانهم في المعصية.