تحليل فصل " الهوية" جدل الشرق و الغرب
1. الأحداث :
يشير الراوي في هذا الفصل إلى النشاط القرائي الذي مارسـه إدريس و إلى فضوله السياسي و الفكري و قد ساهم ذلك في إبراز موقف إدريس من ثنائية الشرق و الغرب و الفصل بأكمله يمثل تحديداً موقف إدريس من علاقة الشـرق و الغرب.
يبرز الموقف اولاً من خلال المقدمة التي اعتزم أن يصدر بها ترجمته لقصة " الساعة الخامسة و العشرون" و يخلص إلى القول " لا موجب لليأس أمامنا مـستقبل أمامنا دور إحتفـظ لنا التاريـخ به و إذا لم نتنكر لنفسنا إذا جاهدنا و حافظنا على هويتنا الإسلامية الشرقية، لنا المشرق و لهم المغيب" ص 121-122
و في مناقشة إدريس كتاب النقد الذاتي لعلال الفاسي يرصد المراحل التي مر منها الفعل العلماني و أهداف برنامجه باعتباره تجلياً من تجليات التطور الاجتماعي الاقتصادي الفكري الغربي فيحصر هذه المراحل فيما يلي:
- تحرير الضمير الفردي من سلطة الكنيسة
- تحرير الدولة من تدخل القِس
- إلغاء الإحتكار الكنسي للتربية و التعليم
- تحرير الفقراء من التخدير الكنسي
و يرى أن لا نفع لنا بالخوض في الموضوع ما دام لا يرتبط ببيئتنا الثقافية و الفكرية و لا يشكل تتويجاً لمحطات التحول الاجتماعي و الاقتصادي للوطن.
و في ورقة ثالثة يرد إدريس مالك بن نبي [مفكر جزائري] فسر انحطاط الأمة الإسلامية بابتعادها عن القرآن، و هاجم أخطاء زعماء الإصلاح و الوطنيين داعياً إلى استرجاع الإسلام لدوره الريادي و يرى إدريس أن تحليلات مالك بن نبي الفلسفية مهلهلة و انه يـهمل العـامل الاقتـصادي و يغرق في الأحلام و قد علق الراوي على أن السر في قسوة إدريس على مالك بن نبي هو تطرفه الوطني.
كما عارض إدريس كتاب لمؤرخ هندي آسيا و السيطرة الأوربية و الذي يفضل فيه الإستعمار المباشر على الإستعمار المقنع و اعترض على المنهج اليابانب في أخذ العلوم و التقنيات و كتب إدريس نفسه قطعة لخص فيها موقفه من إشكالية علاقة الغرب بالشرق و انتهى فيها إلى أنه " لابد من خط فاصل بيننا و بينهم". ص 143
2) القضايا:
إن جدل الهوية يطرح في سياق تاريخي يتمثل في جلاء المستعمر و تسعى النخبة الحاكمة إلى تحديد خيارات واضحة تحكم مكونات الحياة السياسية و الإقتصادية و الثقافية و يلخص السؤال التالي هذا السعي على أي أساس سينظم المغرب المستقل؟
إلغاء الإجراءات الفرنسية
دول تيقراطية يصعب على غير المسلم العيش فيها
عودة الشرع الإسلامي إلى الصدارة
الهوية الإحتفاظ بها و توسيع مجال تطبيقها
دول عصري ديمقراطية منفتحة على غير المسلم
تهميش الشريعة الإسلامية
اللاهوية
إذن فالإختيار هو اختيار بين المحافظة على الهوية المميزة التي لم ترضي النخـبة و الغرب و بين تبني خيار المصلحة و بالتالي التعامل مع مسألة الهوية.
3) القوى الفاعلة:
تتسم في هذا الفصل بمحدودية الحضور و بكونها تمثل رموزاً فكرية يدخل معها إدريس في حوار أو السجال و بذلك فإن قوى الفصل الفاعلة، إدريس، شعيب، السارد، علال الفاسي، مال بن نبي، و يتم استحضار رموز فكرية لا تمثل طرفاً في السجال من أمثال: طه حسين، هنري لفيفغ، جين د---، جورج لوكاتش، و سقراط، و فلاطون و هذه الأسماء تعكس سعة اضطلاع إدريس و اهتمامه بالقراءة.
4) الزمان في الفصل:
يتسم مكون الزمان في هذا الفصل بمحدودية واضحة إذ لا يتجاوز الإشارات الزمنية التي تؤطر الردود التي رد بها إدريس على أطروحات غيره و يتسم كذلك بخاصيتين هما:
1. العمومية: استعمال عبارات زمنية عامة
2. التتابع: إذ تتوالى الإشارات في خط تصاعدي مثل صيف 1951-1954
5) المكان في الفصل:
و يتسم بدوره بخاصيتين هما:
هيمنة الأمكنة العامة = باريس، القاهرة، الجزائر، الهند، تركيا
طغيان فضاءات الشرق: و هو أمر يناسب الحماس الذي يبديه إدريس لهذا الفضاء مثلاً، بلاد فارس، تونس، العراق، مصر، اليابان، الصين.
خلاصة:
لقد هيمن على هذا الفصل طابع السجال نظراً لخاصية القضية المطروحة و التي ينبغي أن يستحضر فيها إدريس جدل البرهان و الحجة و الدليل.