الى كل زوجة صالحة اقتدى بزوجة الرسول السيدة خديجة ام المؤمنين زوجةٌ حنون ، و من خير النساء إحساناً لزوجها
يدخل عليه الصلاة و السلام عليها و قد بلغَ به الخوفُ ما بلغ فيقول " زملوني "
فتأتي تلك الحنون فتنفــّـ...ذ أمره
حتى إذا هدأ و زال بعض ما في نفسه من خوف ، أتته و سألتــْـه
فلمّا أجابها
تأتي تلك الكلمات الحانيات لتطمئن بها زوجها الحنون فتعلنها بكل قوة :
[ كلا والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتحمل الكـَـل و تقري الضيف و تعين على نوائب الدهر ]
كلمات قليلة أذهبت الرعب من قلب حبيبها و زوجها صلى الله عليه و سلم
أكّدت له أنه ليس بالمُخزى ، ثم عددت بعض جميل مناقبه
و أخيراً أخذت بيده إلى ابن عمٍ لها اسمه ( ورقة بن نوفل ) ليطمئن قلب الحبيب عليه الصلاة و السلام أكثر .
ما الذي يشدُّ في هذا الموقف ؟؟
الحقيقة أن المتأمل لواقع بعض بيوت المسلمين ، يجدها تفتقد لمثل هذه الحكمة في هذه المواقف
أحياناً يأتي الزوج متضايقاً من خارج المنزل ، فيدخل مهموماً متضايقاً ، لا يريد أن يرى أحداً أو يتحدث مع أحد و لو كانت زوجه
فيدخل و يقول للزوجة : سأخلو بنفسي و لا أريد أن أرى أحداً .
فتأتي تلك الزوجة التي افتقدتْ فطنة و حكمة خديجة بنت خويلد
فتدخل خلفه و تبدأ تسأله و تصرّ عليه أن يخبرها !!
و الزوج لا يكون مهيأً للكلام في حينها
فيبدأ بنهرها ثم ترتفع صوتها هي
فيتخاصمان ، على أمرٍ لا يُذكر
و بدل أن تكون الزوجة مُعينة لزوجها و مُخففة عنه آلامه .. تزيده هماً إلى همّه و غماً إلى غَمّه .
خذي العفوَ مني تستديمي مودتي = ولا تنطقي في سورتي حين أغضبُ
ولا تنقريني نقركِ الدفَّ مرةً = فإنكِ لا تدرين كيف المغيَّبُ
ولا تكثري الشكوى فتذهب بالقوى = ويأباكِ قلبي والقلوبُ تُقلَّبُ
فاني رأيتُ الحُب في القلبِ والأذى = إذا اجتمعا لم يلبثِ الحُب يذهَبُ
و المشكلة الأكبر
حين يشعر الزوج أن سؤال زوجته له سؤال فضول ، و ليس سؤال خوف و قلق على زوجها .
دعونا نتأمل موقف خديجة رضي الله عنها ..
أجزم لو أن إحدى النساء دخل عليها زوجها بذلك الخوف و قال لزوجته " زمليني "
لفتحت له ملف تحقيق ؟!
و بدأت تسأله عن وصف و مواصفات ذلك المخلوق الغريب الذي رآه و من أين أتى و كيف دخل و كم بقي معه و ماذا قال له ، و لماذا اختاره من بين الناس ........ إلى آخره من الأسئلة التي لا يكون وقتها مناسباً .
فأين الزوجات الصالحات من خديجة رضي الله عنها ؟؟
أين تلك الزوجة التي إن رأت بوجه زوجها علامات ضيقٍ و كدر
أخذت بيده و هدأته
و هي تعلم بفطنتها ، إن كان يريدها أن تبقى معه فيخبرها أو تذهب عنه حتى يهدأ .
أين تلك الزوجة التي إن طلب منها زوجها أن تتركه لوحده
قالت : سمعاً و طاعة ، ثم أخذت أولادها ، و أمرتهم أن لا يزعجوا أبيهم
فإذا هدأ الزوج و اطمأن
دخلت عليه ، و سألتــْه عن حاله و ما الذي يضايقه
فمسحتْ عنه كل كربٍ و أزالت عنه كل هـَـم .
و كلمته برفق و سألته بحنان .
ثم أسمعتْ أذنيه كلمات ، تعيد إليه توازنه ، و تشرح صدره
كما فعلت خديجة رضي الله عنها .
بل إن خديجة بنت خويلد ؛ لم تخفف عن الرسول بكلماتها فقط ، بل زادت أن بحثتْ له عن حل فاقترحتْ أن يذهبا إلى " ورقة " حتى يستفسران منه عن الأمر .
فلا تكتفي أيتها الزوجة بمعرفة ما يكدّر صفو زوجكِ ، بل اقترحي عليه حلول ، واسمعي منه حلول إن كان لديه ما يقوله .
أشعــِـري زوجكِ أنكِ يضيق صدركِ لما يضيق صدره به
لا تجعليه يشعر أنكِ فضولية ، تريدين أن تعرفي ما به فقط
فهذا شعورٌ يزعج الزوج .
أمر آخر مهم ..
مهما كانت تفاهة و صُغر ما يعانيه الزوج – من وجهة نظرك – فلا تخبريه بذلك
إن كان يشعر أن همّه عظيم فاستعظميه مثله ، حتى و إن كان صغيراً
هوّني عليه و خففي عنه و بسطيه له
لكن لا تشعريه ، أنكِ تضحكين من داخلكِ على تفاهة ما أهمّه
أو أنكِ تستتفهين ضيقة صدره .
اجعلي همكما واحد
و شعوركما واحد
اجعلي قلبكِ هو قلبه و نفسكِ هي نفسه .
إن تألم تالمتِ ::
و إن فرح فرحتِ ::
كوني له أذناً صاغية و قلباً كبيراً محتوياً لمشاعر زوجكِ .
فيا أيتها الزوجة الصالحة
اجعلي من خديجة بنت خويلد قدوة لكِ
و تذكري أن الله عز و جل بلغها السلام و بشرها ببيتٍ في الجنة (من قصب لا صخب فيه و لا نصب )
لأنها رضي الله عنها ؛ هيأت له بيتاً في الدنيا لا صخبٌ فيه و لا نصب ، و كانت رضي الله عنها لها قصب السبق في إعانة زوجها على الدعوة و المضي في الدعوة للتوحيد