ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان
هذه هي الكلمة التي ختمنا به الخطاب الذي ألقاه اثر ما خطب الشيخ يحي حمودي باللغة القبائلية ليلة مأدبة النادي لجمعية العلماء ، فاهتز لها الحفل ودوت القاعة بالهتاف والتصفيق ، وددت لو ذكرت الخطاب فنشرته كله ، ولكنني سأكتفي بالكلمة التالية ،فقد تكون أوفى منه في المعنى وأجمل في التنسيق.
إن أبناء يعرب وأبناء مازيغ قد جمع بينهم الإسلام منذ بضع عشرة قرنا ، ثم دأبت تلك القرون تمزج ما بينهم في الشدة و الرخاء، و تؤلف بينهم في العسر و اليسر، وتوحدهم في السراء و الضراء، حتى كونت منهم منذ أحقاب بعيدة عنصرا مسلما جزائريا، أمه الجزائر وأبوه الإسلام، وقد كتب أبناء يعرب و أبناء مازيغ آيات اتحادهم على صفحات هذه القرون بما أراقوا من دمائهم في ميدان الشرف لإعلاء كلمة الله، وما أسالوا من محابرهم في مجالس الدرس لخدمة العلم.
فأي قوة بعد هذا يقول عاقل تستطيع أن تفرقهم؟ لولا الظنون الكواذب والأماني والخوادع يا عجبا ! لم يفترقوا وهم الأقوياء، فكيف يفترقون و غيرهم القوي كلا و الله. بل لا تزيد كل محاولة للتفريق بينهم إلا شدة في اتحادهم وقوة لرابطتهم ( ذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم) والإسلام له حارس، والله عليه وكيل، نعم إننا نتحد لننفع أنفسنا، وننفع إذا استطعنا غيرنا، ومعاذ الله والإسلام أن نتحد على أحد، أو نتفق على باطل أو نتعاون على إثم أو عدوان.
«يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ، ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون».
عبد الحميد بن باديس