مَن لحقَ بجماعة يُصلُّون ، في المسجد أو غيره ، فعليه أن يَمشي بسكينة ووقار ، ولا يُسرع حتَّى ولو وجد الإمامَ قد بدأ في الصَّلاة . فإذا وصلَ إلى الصَّفّ وأخذ مكانه فيه ، فعليه أن يُكبّر تكبيرة الإحرام واقفًا ، ثمّ يدخُل مع الإمام على الهيئة التي يجدُه عليها : إذا وجدهُ ساجدًا مثلاً ، يسجدُ معه ثمّ يَتبَعُه في ما بَقي من الصَّلاة ، ثمّ ، عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه ، بل يَقفُ ويُتمّ وحدهُ ما فاتَه من ركعات .
وقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : إذَا سَمعتُم الإقامةَ فَامْشُوا إلى الصَّلاة وعليكُم بالسَّكينَة والوقار ، ولا تُسْرعُوا ، فَما أدْرَكْتُم فصَلُّوا ، وما فاتَكُم فأَتِمُّوا . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 1 - ص 228 - رقم الحديث 610) .
وروى أبو داود في سُنَنه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : إذا جئتُم إلى الصَّلاة ونحنُ سُجودٌ ، فَاسْجُدُوا ولا تَعُدُّوها شيئًا ، ومَن أدركَ الرّكعة فقد أدركَ الصَّلاة . (سنن أبي داود - الجزء 1 - ص 236 - رقم الحديث 893) .
وجمهورُ العُلَماء يقول بأنَّ مَن دخلَ مع الإمام في الصَّلاة قبل أن يرفَع الإمامُ رأسَهُ من الرُّكوع ، فقد أدركَ الرّكعة . أي أنَّ مَن لَحقَ بالجماعة ، فكبَّر تكبيرة الإحرام ودخلَ في الصَّلاة والإمامُ واقفٌ يقرأ الفاتحة أو السّورة ، أو وجدهُ راكعًا ، فكبَّر وركع وأمكَنَ يَدَيْه من رُكْبَتَيه قبل أن يرفع الإمام رأسَه من الرُّكوع ، فقد أدركَ الرّكعة ، ولا يُعيدُها بعد ذلك .
أمّا إذا وجد الإمامَ قد رفع من الرُّكوع ، أو وجدهُ ساجدًا أو جالسًا للتَّشهُّد ، فعليه أن يُكبّر تكبيرة الإحرام ، ثمّ يدخُل معه في الصَّلاة على الهيئة التي وجده عليها ، ثمّ يُعيدُ هذه الرّكعة .
وكيفيّة إتمام الصَّلاة هي كما يلي :
عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه المسبوقُ ، بل يَقفُ ليُتمَّ ما فاتَهُ من ركعات لم يُصلّها مع الإمام ، فيأت بها بالتَّرتيب : يبدأُ بالرّكعة الأولى التي فاتَتْهُ مع الإمام ، ثمّ الرّكعة الثّانية ، وهكذا .
وهذا تفصيلٌ بجميع الحالات ، سواء كان المسبوق ولدًا أو بنتًا :
- إذا لَحق بجماعة يُصلُّون صلاة العشاء ، وأدركَ الإمامَ في الرّكعة الأولى يقرأ الفاتحة أو سورةً أو شرعَ في الرُّكوع ، فإنَّه يُكبّر تكبيرة الإحرام واقفًا ، ثمّ يدخلُ مع الإمام على الهيئة التي يَجدُه عليها . فإذا أدركَ الرّكعة قبل أن يرفع الإمامُ رأسه من الرّكوع ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه مع الإمام ، ويُسلّم معه ، ولا يزيدُ شيئًا لأنّه أدركَ كلّ الرّكعات .
- وإذا دخلَ في الصَّلاة والإمامُ في الرّكعة الثّانية ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه معه ، ويكون قد فاتَتْهُ فقط الرّكعة الأولى . ثمّ ، عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه ، بل يَقفُ ليَقضي هذه الرّكعة ، فيَقرأ الفاتحة والسّورة جهرًا (وإذا كانت فتاة فإنَّ جميع صلاتها سرّ) ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يجلس ، ويتشهّد التّشهّد الأخير ، ثمّ يُسلّم .
- وإذا دخلَ في الصَّلاة والإمامُ في الرّكعة الثّالثة ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه معه ، ويكون قد فاتَتْهُ الرّكعة الأولى والرّكعة الثّانية . ثمّ ، عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه ، بل يَقفُ ليَقضي هاتين الرّكعتين ، فيَقرأ الفاتحة والسّورة جهرًا (إذا كان ولدًا) ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يقوم لقضاء الرّكعة الثّانية ، فيَقرأ أيضًا الفاتحة والسّورة جهرًا ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يجلس ، ويتشهّد التّشهّد الأخير ، ثمّ يُسلّم .
- وإذا دخلَ في الصَّلاة والإمامُ في الرّكعة الرّابعة ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه معه ، ويكون قد فاتَتْهُ الرّكعات الأولى والثّانية والثّالثة . ثمّ ، عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه ، بل يَقفُ ليَقضي الثّلاث ركعات ، فيَقرأ الفاتحة والسّورة جهرًا (إذا كان ولدًا) ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يجلس ويتشهّد لأنّ هاته الرّكعة تُعتَبَرُ الرّكعة الثّانية بالنّسبة له : الأولى صلاَّها مع الإمام وهذه الثّانية ، والتّشهُّد واجبٌ بعد كلّ ركعتين .
ثمّ يقوم لقضاء الرّكعة الثّانية التي فاتَتْه مع الإمام (وهي الرّكعة الثّالثة بالنّسبة له) ، فيَقرأ أيضًا الفاتحة والسّورة جهرًا ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يقوم لقضاء الرّكعة الثّالثة (وهي الرّكعة الرّابعة بالنّسبة له) ، فيَقرأ الفاتحة فقط سرّا ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يجلس ، ويتشهّد التّشهّد الأخير ، ثمّ يُسلّم .
هذا بالنّسبة لصلاة العشاء .
- وإذا لَحق المسبوقُ بجماعة يُصلُّون صلاة الظُّهر أو العصر ، فإنَّه يُتمُّ صلاتَه مثلما ذكَرنا في صلاة العشاء ، غير أنَّ كلَّ صلاته تكون سرّا .
- وإذا لَحق بجماعة يُصلُّون صلاة المغرب ، وأدركَ الإمامَ في الرّكعة الأولى يقرأ الفاتحة أو سورةً أو شرعَ في الرُّكوع ، فإنَّه يُكبّر تكبيرة الإحرام واقفًا ، ثمّ يدخلُ مع الإمام على الهيئة التي يَجدُه عليها . فإذا أدركَ الرّكعة قبل أن يرفع الإمامُ رأسه من الرّكوع ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه مع الإمام ، ويُسلّم معه ، ولا يزيدُ شيئًا لأنّه أدركَ كلّ الرّكعات .
- وإذا دخلَ في الصَّلاة والإمامُ في الرّكعة الثّانية ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه معه ، ويكون قد فاتَتْهُ فقط الرّكعة الأولى . ثمّ ، عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه ، بل يَقفُ ليَقضي هذه الرّكعة ، فيَقرأ الفاتحة والسّورة جهرًا (وإذا كانت فتاة فإنَّ جميع صلاتها سرّ) ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يجلس ، ويتشهّد التّشهّد الأخير ، ثمّ يُسلّم .
- وإذا دخلَ في الصَّلاة والإمامُ في الرّكعة الثّالثة ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه معه ، ويكون قد فاتَتْهُ الرّكعات الأولى والثّانية . ثمّ ، عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه ، بل يَقفُ ليَقضي الرّكعتين ، فيَقرأ الفاتحة والسّورة جهرًا (إذا كان ولدًا) ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يجلس ، ويتشهّد لأنّ هاته الرّكعة تُعتَبَرُ الرّكعة الثّانية بالنّسبة له : الأولى صلاَّها مع الإمام وهذه الثّانية ، والتّشهُّد واجبٌ بعد كلّ ركعتين كما ذكَرنا . ثمّ يقوم لقضاء الرّكعة الثّانية (وهي الرّكعة الثّالثة بالنّسبة له)، فيَقرأ أيضًا الفاتحة والسّورة جهرًا ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يجلس ويتشهّد التّشهّد الأخير ، ثمّ يُسلّم .
- وإذا لَحق بجماعة يُصلُّون صلاة الصّبح ، وأدركَ الإمامَ في الرّكعة الأولى يقرأ الفاتحة أو سورةً أو شرعَ في الرُّكوع ، فإنَّه يُكبّر تكبيرة الإحرام واقفًا ، ثمّ يدخلُ مع الإمام على الهيئة التي يَجدُه عليها . فإذا أدركَ الرّكعة قبل أن يرفع الإمامُ رأسه من الرّكوع ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه مع الإمام ، ويُسلّم معه ، ولا يزيدُ شيئًا لأنّه أدركَ كلّ الرّكعات .
- وإذا دخلَ في الصَّلاة والإمامُ في الرّكعة الثّانية ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه معه ، ويكون قد فاتَتْهُ فقط الرّكعة الأولى . ثمّ ، عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه ، بل يَقفُ ليَقضي هذه الرّكعة ، فيَقرأ الفاتحة والسّورة جهرًا (وإذا كانت فتاة فإنَّ جميع صلاتها سرّ) ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يجلس ، ويتشهّد التّشهّد الأخير ، ثمّ يُسلّم .
- وإذا لَحق بجماعة يُصلُّون الصّبح أو الظّهر أو العصر أو المغرب أو العشاء ، وأدركَ الإمامَ بعد أن رفع رأسَه من الرُّكوع في الرّكعة الأخيرة ، أو وجده في السّجود أو التّشهُّد من هذه الرّكعة ، فإنّه في هذه الحالة يكونُ قد فاتَتْهُ جميع الرّكعات ، لكنّه مع ذلك يُكبّر تكبيرة الإحرام واقفًا ، ثمّ يَدخُل مع الإمام على الهيئة التي يَجدُه عليها ، ثمّ ، عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه ، بل يَقفُ ليُصلّي الصّلاة بجميع ركعاتها ، ويكونُ له أجر الجماعة بإذن الله .
- وإذا لَحق بجماعة يُصلُّون صلاة الجُمعة (وسنتحدّث عن هذه الصّلاة في عنصر قادم) ، وأدركَ الإمامَ في الرّكعة الأولى يقرأ الفاتحة أو سورةً أو شرعَ في الرُّكوع ، فإنَّه يُكبّر تكبيرة الإحرام واقفًا ، ثمّ يدخلُ مع الإمام على الهيئة التي يَجدُه عليها . فإذا أدركَ الرّكعة قبل أن يرفع الإمامُ رأسه من الرّكوع ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه مع الإمام ، ويُسلّم معه ، ولا يزيدُ شيئًا لأنّه أدركَ كلّ الرّكعات .
- وإذا دخلَ في الصَّلاة والإمامُ في الرّكعة الثّانية ، فإنّه يُتمُّ صلاتَه معه ، ويكون قد فاتَتْهُ فقط الرّكعة الأولى . ثمّ ، عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه ، بل يَقفُ ليَقضي هذه الرّكعة ، فيَقرأ الفاتحة والسّورة سرّا ، ثمّ يركع ويرفع من الرّكوع ويسجد مرّتين ، ثمّ يجلس ويتشهّد التّشهّد الأخير ، ثمّ يُسلّم .
- وإذا دخلَ في الصَّلاة بعد أن رفع الإمامُ رأسَه من الرُّكوع في الرّكعة الثّانية ، أو وجده في السّجود أو التّشهُّد من هذه الرّكعة ، فإنّه في هذه الحالة تكونُ قد فاتَتْهُ صلاة الجُمعة ، لكنّه مع ذلك يَنوي صلاة الظُّهر ، ويُكبّر تكبيرة الإحرام واقفًا ، ثمّ يَدخُل مع الإمام على الهيئة التي يَجدُه عليها ، ثمّ ، عندما يُسلّم الإمام ، لا يُسلّم معه ، بل يَقفُ ليُصلّي الظّهر أربع ركعات ، ويكونُ له أجر صلاة الجمعة بإذن الله .