لا يختلف اثنان من المدرسين، ولا من المقتشين والفاعلين النشيطين في حقل المنظومة التربوية التعليمية، ولا حتى من آباء وأولياء التلاميذ على أن المستوى التعليمي العمومي في بلادنا قد بلغ الحضيض من التدني، والإسفاف والابتذال إلى درجة غدا معها المدرس يشك في الكيفية التي وصل بها معظم التلاميذ.. إلى تلك الفصول الدراسية التي بين يديه، راجيا لو خول له المسؤولون في وزارة التربية الوطنية والشباب، أو من ينوبون عنهم حق الفرز والاصطفاء لأرجع أغلبيتهم إلى الأقسام السفلى حسب درجة الأهلية والاستحقاق، ولكن (لا حياة لمن تنادي)، فما الأقسام السفلى اليوم بأهم، وأفيد للتلميذ في اكتساب واستيعاب مدخلاته المعرفية والعلمية أكثر، ولا الأقسام العليا بأحسن وأجدر له لتدعيم وتثبيت، وترشيد مخرجاته ومكتسباته كي يصعد إلى الأقسام العليا، لأنها صيحة في واد، والذي بني على جرف هار فسيكون مآله حتما السقوط، والاندثار، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، خصوصا وأن جميع المستويات الدراسية السابقة على حد سواء من حيث درجة التدني في الكم العلمي والمعرفي لدى التلميذ. والنتيجة هي أن يصعد هذا الأخير إلى الأقسام الدراسية العليا مكرها لا بطلا،
فتتكسر أهداف المدرس التربوية على صخرة الواقع: (واقع الخريطة المدرسية) التي تكرس هذا الوضع التعليمي المزري لدى أجيالنا الصاعدة، خصوصا في المراحل الابتدائية الأساسية، إضافة إلى هذا التراكم المعرفي الدسم الذي طبع المقررات الدراسية في جميع المستويات بالطول المفرط، والذي أصبح صعبا على التلميذ هضمه واستعابه وتمثله لكون معظم محتوياته لا تتلاءم وتطلعاته وأهدافه ورغباته... الأمر الذي يدفع بالتلميذ إلى العزوف عن الدراسة الجادة، وإلى النفور من الدرس والتحصيل، وأن ندفع نحن كذلك بالتي أحسن: (أن ندفع حمار الشيخ في العقبة) حتى يمر على جميع المحطات التعليمية من غير تسجيل أية عثرة، أو إصابة.
ومما زاد في الطين بلة أننا في الوقت الذي كنا ننتظر فيه المزيد من ساعات الدعم والتقوية، والتثبيث لما اكتسبه التلميذ في الأقسام الابتدائية من معارف، وخبرات، وتجارب، ومهارات.. بهدف ترسيخها في ذهنه أكثر، والعمل على صقلها، وبلورتها وترشيدها في الأقسام الإ