I- ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﺤﻕ
ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ...ﺇﻨﻙ ﺘﺴﺘﻌﻤل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺼﻁﻠﺢ ﺒﻤﻌﻨﻴﻴﻥ ﺸﺎﺌﻌﻴﻥ ﻓﺘﻘﻭل " ﻫﺫﺍ ﻜﻼﻡ ﺤﻕ" ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻙ ﺘﻘﻭل "
ﻤﻥ ﺤﻘﻲ ﺃﻥ ﺃﺘﻌﻠﻡ" . ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ، ﺩﻟﺕ ﻜﻠﻤﺔ "ﺤﻕ " ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻱ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻁﺎﺒﻘﺎ ﻟﻠﻭﺍﻗﻊ. ﻭ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ، ﺩﻟﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺴﻤﺢ ﻟﻙ ﺒﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﻭ ﻤﺎ ﺴﻤﺤﺕ ﺒﻪ ﺍﻷﺨﻼﻕ. ﻭ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻨﺩ
ﺍﻟﺠﺭﺠﺎﻨﻲ : ﺍﻟﺤﻕ" ﻫﻭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻁﺎﺒﻕ ﻟﻠﻭﺍﻗﻊ، ﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻭﺍل ﻭ ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩ
ﻭ ﺍﻷﺩﻴﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﻤﺫﺍﻫﺏ..."
ﻴﻬﻤﻨﺎ ﺍﻵﻥ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ، ﺇﺫ ﻴﻌﺒﺭ ﻟﻔﻅ ﺍﻟﺤﻕ ﻋﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺨﻭﻟﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻟﻠﻔﺭﺩ
ﻤﻥ ﻤﻜﺴﺏ ﻤﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﻤﻌﻨﻭﻱ ﻴﻤﻜﻨﻪ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﻪ.
ﻭ ﻟﺫﻟﻙ ﻓﻘﺩ ﻋﺭﻑ ﺒﻜﻭﻨﻪ : "ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻤﻁﺎﺒﻘﺎ ﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﻤﺤﻜﻤﺔ " ، ﺴﻭﺍﺀ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﺃﻭ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﺃﻭ
ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ. ﻜﻤﺎ ﻋﺭﻑ ﻜﺫﻟﻙ ﺒﻜﻭﻨﻪ : " ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺜﺎﺒﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻤﻨﻌﻪ ﻭ ﺘﺠﻭﺯ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﻪ ".
ﻭ ﺤﺘﻰ ﻴﺯﻭل ﻜل ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ، ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺘﻤﻴﺯ، ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ، ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻕ
ﻭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ، ﺇﺫ ﻟﻴﺱ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻜﺴﺒﻪ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺃﻭ ﻴﺤﺼل ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭ ﻴﻤﺘﻠﻜﻪ ﺃﻭ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﻪ ﺒﺤﻕ، ﺒل ﺒﺎﻟﻌﻜﺱ ﻓﻘﺩ ﻴﻜﻭﻥ
ﻤﺨﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﺤﻕ. ﻓﺎﻟﻭﺍﻗﻊ ﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻌﻼ ﺴﻭﺍﺀ ﻜﺎﻥ ﺤﻘﺎ ﺃﻭ ﺒﺎﻁﻼ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻬﻭ ﻤﺎ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ
ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻗﻴﻤﺔ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ.
I- ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ :
1- ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ : ﻭﻫﻲ " ﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻋﻥ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻫﻭ ﺇﻨﺴﺎﻥ " .
ﻓﺎﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻻ ﻴﻤﻨﺢ ﻟﻙ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻙ ﺃﺏ ﺃﺴﺭﺓ ﺃﻭ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻙ ﻤﻭﺍﻁﻨﺎ ﺃﻭ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻙ ﻭﺯﻴﺭﺍ... ﺒل ﺃﻨﺕ
ﺘﻤﻠﻜﻪ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻙ ﺇﻨﺴﺎﻨﺎ. ﻓﺎﻟﺤﻕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ – ﺃﻭ ﻤﺎ ﻴﺩﻋﻰ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ- ﻫﻭ ﺤﻕ ﻓﻁﺭﻱ ﻴﻭﻟﺩ ﺒﻪ
ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻭ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﻜﻴﺎﻨﻪ ﻭ ﻴﻨﺒﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﻗﺩﺭ ﻤﺸﺘﺭﻙ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭ ﻤﻥ ﺃﻤﺜﻠﺔ
ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ: ﺤﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﺍﻟﺘﻨﺎﺴل، ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ، ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ...
2 - ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ : ﻭ ﻫﻲ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻤﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻔﺭﺩ، ﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺩﺩﻫﺎ ﺠﻤﻠﺔ
ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻭ ﻜﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﻭ ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ. ﻓﻬﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻻ ﻴﻤﻠﻜﻬﺎ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ
ﺇﻨﺴﺎﻨﺎ ﻓﺤﺴﺏ، ﺒل ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻤﻭﺍﻁﻨﺎ ﺃﻭ ﻋﺎﻤﻼ ﺃﻭ ﻁﺎﻟﺒﺎ ﺃﻭ ﺯﻭﺠﺎ ﺃﻭ ﻤﺘﻘﺎﻋﺩﺍ... ﻭ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ
ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻜﻥ، ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘل، ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل...
ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ : ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﺜﺎﺒﺘﺔ، ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺘﺘﻐﻴﺭ ﺒﺘﻐﻴﺭ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭ ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ، ﻭ
ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﺴﺘﻤﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭ ﻻ ﺘﺘﻨﺎﻓﻰ ﻤﻌﻬﺎ.
III- ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ :
ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ... ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﺎ ﻴﺸﺘﻜﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻥ ﻫﻀﻡ ﻟﺤﻘﻭﻗﻬﻡ ، ﺃﻭ ﻤﻥ ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺁﺨﺭﻴﻥ، ﻻ
ﻟﺸﻲﺀ ﺇﻻ ﻷﻨﻬﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﺠﺎﻫﺎ ﺃﻭ ﻤﺎﻻ ﺃﻭ ﺴﻠﻁﺔ...ﻓﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻹﻨﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﺘﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻐﻴﺭ؟ ﻤﺎ ﻫﻭ
ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﺘﺄﺴﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺤﻕ؟ ﻭ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﺴﺘﻐﻠﻭﻥ ﻗﻭﺓ ﻨﻔﻭﺫﻫﻡ ﺃﻭ ﻤﺎﻟﻬﻡ ﻟﺴﻠﺏ
ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﻓﻬل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺤﺎﺠﺔ ﺇﻻ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻻﺴﺘﺭﺠﺎﻉ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ؟
1- ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻫﻲ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﺤﻕ :
ﺃ- ﻨﻴﺘﺸﻪ F. Nietsch : ﻭ ﻫﻭ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻤﻥ ﺍﺨﺘﺭﺍﻉ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻟﻠﻨﻴل ﻤﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻷﻗﻭﻴﺎﺀ، ﻭ ﻟﺫﻟﻙ ﻓﻘﺩ
ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺒﺭ ﻓﻲ ﻨﻅﺭﻩ ﻋﻥ ﺍﻟﺫل، ﻭ ﺍﻟﻀﻌﻑ ﻭ ﺇﺤﻼل ﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﻗﻴﻡ
ﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ . ﻗﺎل ﻨﻴﺘﺸﻪ : " ﺇﺨﻭﺍﻨﻲ، ﺇﻨﻲ ﺃﻀﻊ ﺃﻤﺎﻤﻜﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻼﺌﺤﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ : ﻜﻭﻨﻭﺍ ﻗﺴﺎﺓ ".
ﺏ- ﻁﻭﻤﺎﺱ ﻫﻭﺒﺯ T.Hobbes ﻴﺭﻯ ﻫﻭﺒﺯ، ﻭ ﻫﻭ ﻤﻥ ﻓﻼﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ، ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻤﺭﺕ
ﺒﻤﺭﺤﻠﺘﻴﻥ:
- ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ: ﻭ ﻫﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻻ ﺘﻭﺠﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺩﻭﻟﺔ ، ﻭ ﻻ ﺴﻠﻁﺔ ، ﻭ ﻟﺫﺍﻟﻙ ﻓﺄﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻫﻡ
ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﻕ. ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺒﻴﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻭ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭ ﺍﻟﻔﻭﻀﻰ ﻭ ﺍﻟﺭﻋﺏ
ﻷﻥ " ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺫﺌﺏ ﺒﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ﻷﺨﻴﻪ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ".
- ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ : ﻭ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﻭﻀﻊ ﺤﺩ ﻟﻭﻀﻌﻴﺔ ﺍﻟﻼﺃﻤﻥ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ، ﺘﻨﺎﺯل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺤﻘﻭﻗﻬﻡ
ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺃﻗﻭﻯ ﺸﺨﺹ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻠﻙ، ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺼﺒﺢ ﻴﻤﻠﻙ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ. ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒل ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺃﻥ ﻴﻀﻤﻥ
ﺍﻷﻤﻥ ﻭ ﺍﻻﻁﻤﺌﻨﺎﻥ ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ.
ﺠـ - ﻤﺎﻜﻴﺎﻓل N.Machiavel : ﻴﺭﻯ ﻤﺎﻜﻴﺎﻓل ﺃﻥ : " ﺍﻟﻐﺎﻴﺔ ﺘﺒﺭﺭ ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ "
ﻭ ﻫﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻼﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﻟﻠﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ. ﻓﺎﻟﻌﻨﻑ ، ﻤﺜﻼ، ﻫﻭ
ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻜﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩ، ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻓﻬﻲ ﻟﻴﻨﺔ ﻭ
ﻤﺘﻭﺍﻀﻌﺔ ﻭ ﻻ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ.
ﺍﻟﻨﻘﺩ :
- ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﺴﺘﻨﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻭﺍﻗﻊ ﻟﺘﺒﺭﻴﺭ ﻨﻔﺴﻬﺎ، ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ – ﻜﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ – ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻤﺎ ﻫﻭ ﻜﺎﺌﻥ ،
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻬﻭ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻤﺎ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ.
- ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻤﺘﻐﻴﺭﺓ ﻭ ﻏﻴﺭ ﻤﺴﺘﻘﺭﺓ ﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﺘﺼﻠﺢ ﻜﺄﺴﺎﺱ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ، ﻷﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﺜﺎﺒﺕ ﻭ ﻟﻭ
ﻨﺴﺒﻴﺎ.
- ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﺎﺤﺭ ﻭ ﻓﻴﻬﺎ ﻴﺘﻔﻭﻕ ﺍﻟﻘﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻌﻴﻑ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺘﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ
ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ – ﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﻀﻌﻴﻑ – ﻤﻥ ﻏﻠﺒﺔ ﻷﻗﻭﻴﺎﺀ ﻭ ﻫﻴﻤﻨﺘﻬﻡ.- ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﻻ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﺘﺠﺯﺌﺔ ﺇﻟﻰ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻭ ﻏﺎﻴﺔ ، ﻷﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺘﻭﺠﺏ ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ
ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻏﺎﻴﺔ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ. ﺜﻡ ﺃﻥ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻼﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﺩﻟﻴل ﻋﻠﻰ ﻀﻌﻑ ﺍﻟﺫﻜﺎﺀ ﻭ
ﺍﻟﻌﻘل، ﻭ ﺇﻻ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻴﻬﺎ؟
2- ﺍﻟﺤﻕ ﻭ ﺍﻟﻁﺭﻕ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ :
ﺃ – ﻏﺎﻨﺩﻱ Ghandi: ﻴﺭﻯ ﻏﺎﻨﺩﻱ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺭ ﺤﻘﻕ ﺘﻘﺩﻤﺎ ﻤﺎﺩﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ،
ﻭ ﻟﺫﻟﻙ ﻓﻬﻭ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﻋﻭﺩﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭ ﻨﺒﺫ ﻤﺨﻠﻔﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ. ﻭ ﻟﻬﺫﺍ،
ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻼﻋﻨﻑ ﻭ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺎﻟﺤﻘﻭﻕ. ﻗﺎل
ﻏﺎﻨﺩﻱ : " ﺇﻨﻨﺎ ﺴﻨﻜﺴﺏ ﻤﻌﺭﻜﺘﻨﺎ ﻻ ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﻨﻘﺘل ﻤﻥ ﺨﺼﻭﻤﻨﺎ، ﻟﻜﻥ ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﻨﻘﺘل ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺴﻨﺎ ﻤﻥ
ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘل".
ﺏ- ﻤﺎﺭﺘﻥ ﻟﻭﺘﻴﺭ ﻜﻴﻨﻎ Martin Luther King ﺘﺒﻨﻰ ﺍﻟﺯﻋﻴﻡ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻤﺎﺭﺘﻥ ﻟﻭﺘﻴﺭ ﻜﻴﻨﻎ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ
ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﺴﻭﺩ، ﻀﺩ ﻤﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻱ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻤﻨﻬﺎ ﻫﺅﻻﺀ، ﻭ ﻟﻜﻥ ﻟﻴﺱ
ﺒﺎﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﻘﻭﺓ، ﺒل ﺒﺎﻟﻁﺭﻕ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻜﺎﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﻭ ﺍﻹﻀﺭﺍﺒﺎﺕ..ﻭ ﻫﻭ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﻴﻘﺘل ﻓﻲ
ﺨﺼﻭﻤﻪ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺴﻴﺘﻡ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﻬﻀﻭﻤﺔ.
ﻴﻤﻜﻨﻙ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ – ﺇﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺘﺘﻭﺴﻊ ﺃﻜﺜﺭ ﻓﻲ ﺍﻻﻁﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻴﻥ ﺍﻟﺭﺃﻴﻴﻥ – ﺃﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻀﻭﻉ
" ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ" ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ.
ﺍﻟﻨﻘﺩ : ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺫﻴﻥ ﺍﻟﺭﺃﻴﻴﻥ ﺭﻭﺍﺠﺎ ﻭﺍﺴﻌﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ، ﻭ ﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﻨﺘﻬﻤﺎ.
ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺘﺠﺎﻩ ﻟﻡ ﻴﺴﻠﻡ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ، ﻟﻜﻭﻨﻪ ﻤﺒﺎﻟﻐﺎ ﻓﻲ ﻤﺜﺎﻟﻴﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﻓﺭﻀﻴﺔ ﻤﻔﺎﺩﻫﺎ ﺃﻥ
ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺨﻴﺭ ﺒﻁﺒﻌﻪ. ﻓﺈﻥ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﺃﻥ ﻨﺅﺴﺱ ﺍﻟﺤﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻭﺓ ، ﻓﺈﻨﻪ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺘﺠﺎﻫل
ﻜﺫﻟﻙ ﺩﻭﺭ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺴﺘﻨﻔﺫ ﻜل ﺍﻟﻁﺭﻕ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻭ ﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻨﻔﺫ
ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ، ﻭ ﻟﻌل ﺃﻓﻀل ﻤﺜﺎل ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺠﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺒﻼﺩ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ
ﺍﻟﻤﻁﺎﻑ ﺒﻌﺩ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺠل ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﻨﻅﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ.
ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ :
ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺒﺩﻭﻥ ﺤﻕ ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻅﻠﻡ ﻭ ﺒﺎﻁل ﻭ ﺠﻭﺭ، ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﺒﺩﻭﻥ ﻗﻭﺓ ﺘﺤﻤﻴﻪ ﻴﺼﻴﺭ ﻀﻌﻔﻴﺎ ﻭ ﻗﺩ ﻴﻔﺘﺢ
ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻅﻠﻡ. ﻭ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﺤﻭﺍل،
ﻭ ﻟﻜﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻤﺒﺩﺃ ﻤﺘﻌﺎﻟﻴﺎ ﻭ ﻤﻨﺯﻫﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻁﺎﻤﻊ ، ﻭ ﻤﻌﺒﺭﺍ ﻋﻤﺎ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ، ﻓﻭﺍﺠﺏ ﺃﻥ
ﻴﺘﺄﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺱ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ
ﺜﺎﻨﻴﺎ - ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ
I- ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ
ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ...ﻻﺤﻅ ﺃﻥ ﻟﻔﻅ ﻭﺍﺠﺏ ﻗﺩ ﻴﺴﺘﻌﻤل ﻜﺫﻟﻙ ﺒﻤﻌﻨﻴﻴﻥ ﻴﺴﺘﻭﺠﺏ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ . ﻓﻘﺩ ﻴﻘﻭل
ﻗﺎﺌل : " ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺃﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻐﺫﺍﺀ ﻴﻭﻤﻴﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﺓ "، ﻭ ﻴﻘﻭل ﺁﺨﺭ " ﺇﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﺃﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻐﺫﺍﺀ ﺃﻤﺎﻡ
ﺸﺨﺹ ﺠﺎﺌﻊ، ﻓﻴﺠﺏ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﻗﺴﺎﻤﻪ ﻏﺫﺍﺌﻲ". ﺇﻥ ﻤﻌﻨﻰ " ﻴﺠﺏ " ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﻀﺭﻭﺭﺓ
ﺤﻴﻭﻴﺔ ﺃﻭ ﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻹﺴﺘﻐﻨﺎﺀ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻼ ﻭﺠﻭﺩ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ. ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ، ﻓﻬﻭ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺸﻌﻭﺭ ﻭ ﺇﻟﺯﺍﻡ ﺃﺨﻼﻗﻲ ﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻭ ﻴﺘﻀﻤﻥ ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﻤﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﺃﻱ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ﻴﻠﺯﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻀﻤﻴﺭ
ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻜﻘﻭﻟﻙ : ﻗﻭل ﺍﻟﺼﺩﻕ ﻭﺍﺠﺏ ، ﺼﻼﺓ ﺍﻟﻅﻬﺭ ﻭﺍﺠﺒﺔ ، ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ ﺃﻁﻴﻊ
ﻭﺍﻟﺩﻱ...ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﺜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺤﺼﻰ ﻋﺩﺩﺍ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﻴﺄﺘﻲ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺇﻟﺯﺍﻡ ﻭ ﻟﻴﺱ ﺘﻤﻨﻴﺎ ﺃﻭ ﻁﻠﺒﺎ ﺃﻭ
ﺭﺠﺎﺀﺍ ...ﺇﺫ ﺃﻥ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻤﻌﺭﻀﺔ ﻟﻠﺼﻭﺍﺏ ﻜﻤﺎ ﻫﻲ ﻤﻌﺭﻀﺔ ﻟﻠﺨﻁﺄ، ﺘﺴﺘﻠﺯﻡ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻘﻴﻡ
ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺼﺎﺩﺭﺓ ﺇﻟﻴﻨﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ، ﻭ ﻟﺫﻟﻙ ﻓﻼ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻘﻴﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺩﻭﻥ
ﻭﺍﺠﺒﺎﺕ. ﻭ ﻟﻌل ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﻟﻠﻭﺍﺠﺏ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺠﻠﻴﺎ، ﻭ ﻤﻨﻬﺎ :
- " ﻫﻭ ﻤﺎ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﺘﺭﻜﻪ ﻤﻥ ﺍﻷﻗﻭﺍل ﻭ ﺍﻷﻓﻌﺎل".
- " ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻤﻭﻗﻑ ﺇﻨﺴﺎﻨﻲ ﻤﻌﻴﻥ ".
- " ﺍﻹﻟﺯﺍﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻠﺯﻡ ﺒﻪ ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺅﺩﻱ ﺘﺭﻜﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﻔﺴﺩﺓ ".
II- ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ :
1- ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ :
ﻭ ﻫﻭ " ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﺤﺴﻨﻪ ﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ﺍﻟﺨﻠﻘﻲ ﻭ ﻴﻭﺠﺏ ﺇﺘﻴﺎﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻪ". ﻓﺄﻨﺕ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﺎ ﺘﺸﻌﺭ ﻓﻲ
ﻗﺭﺍﺭﺓ ﻨﻔﺴﻙ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻼﺤﻅﻙ ﺃﺤﺩ ، ﺒﺄﻥ ﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺝ ﺃﻤﺭ ﻭﺍﺠﺏ. ﻭ ﻟﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ
ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﻫﻲ :
- ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ : ﺇﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻻ ﻴﻭﺠﺏ ﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻌل ﻤﺎ، ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺸﻌﺭ ﺒﺄﻨﻪ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ
ﺍﻟﻤﻌﺘﺯﻟﺔ، ﻭ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻘﺒﻭﻻ ﻟﺩﻴﻪ.
- ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ : ﺍﻹﻟﺯﺍﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﻴﻭﺠﺒﻪ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻪ ﺇﺭﺍﺩﻴﺎ ﻭ ﺍﺤﺘﺭﺍﻤﺎ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ
ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ.
- ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ : ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﺒﻤﻌﺯل ﻋﻥ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻤﻴل ﻨﻔﺴﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺨﻴﺭ.
ﻗﺎل ﻫﻭﻓﺩﻴﻨﻎ Hoffding :
" ﺇﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ، ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻷﻨﻨﺎ ﻨﺭﻴﺩ ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ".
2- ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻲ :
ﻭ ﻫﻭ " ﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺭﺩ"
ﻭ ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﺤﺎﻓﻅ ﻋﻠﻰ ﺘﻜﺎﻤل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻷﻥ ﺤﺼﻭل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻭﻗﻬﻡ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﺒﻘﻴﺎﻤﻬﻡ
ﺃﻭ ﺒﻘﻴﺎﻡ ﻏﻴﺭﻫﻡ ﺒﺎﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ. ﻭ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻤﺤﺩﺩﺍ ﻭ ﻤﻀﺒﻭﻁﺎ ﺒﻘﻭﺍﻨﻴﻥ، ﻜﻤﺎ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ
ﻋﺭﻓﻴﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﻀﺒﻭﻁ.
ﻭ ﻋﻠﻰ ﺨﻼﻑ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻷﺨﻼﻗﻰ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺼﺎﺩﺭ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ، ﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻘﺩ ﻻ
ﻴﺘﻤﺎﺸﻰ ﻭ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﺭﺩ، ﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻨﻔﻲ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻨﻅﺭﺍ ﻟﻤﺎ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻥ ﻤﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻤﻥ ﻤﻀﺭﺓ
ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ.
III- ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ
ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ... ﺇﻥ ﺘﻨﻭﻉ ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﻁﺭﺡ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ : ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺼﺩﺭﺍﻟﻭﺍﺠﺏ؟ ﻭﻤﻊ ﺍﻓﺘﺭﺍﺽ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ، ﻓﻬل ﻫﺫﺍ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺘﺼﺎﺭﻋﻬﺎ ﺃﻡ ﺇﻟﻰ ﺘﻜﺎﻤﻠﻬﺎ؟
1- ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ
ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻤﺭﻨﺎ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﺒﻪ. ﻭ ﻤﻌﻨﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻤﻥ ﻤﺎﻫﻴﺔ ﺇﻻﻫﻴﺔ ﻤﺘﻌﺎﻟﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﺭﺩ
ﺍﻟﻤﺄﻤﻭﺭ ﺒﻁﺎﻋﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﻕ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻟﺯﻤﻪ ﺒﻪ. ﻭ ﻤﻥ ﺃﻨﺼﺎﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ، ﺍﻟﺠﺒﺭﻴﻭﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻨﻔﻭﻥ ﻜل ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺤﺭﺓ
ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺒﺸﺭ، ﻭ ﻴﻌﺘﺒﺭﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻤﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻴﻪ.
* ﻨﻘﺩ : ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺍﻟﻤﺄﻤﻭﺭ ﺒﺎﺘﺒﺎﻉ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﻗﺩ ﻭﻫﺒﻪ ﺨﺎﻟﻘﺔ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﺨﺘﻴﺎﺭ ﺒﻴﻥ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﺘﺭﻜﻬﺎ ﺭﻏﻡ
ﻜﻭﻨﻪ ﻗﺩ ﺃﻟﺯﻤﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻭ ﺇﺫﺍ ﺍﻨﺘﻔﻰ ﺸﺭﻁ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ، ﻭ ﺯﺍﻟﺕ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺨﺘﻴﺎﺭ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻔﺭﺩ، ﻓﻼ ﻨﺩﺭﻱ
ﻜﻴﻑ ﺴﻴﺤﻤل ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌل ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺭﻙ؟
2- ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ- ﺇﻴﻤﺎﻨﻭﻴل ﻜﺎﻨﻁ
ﻟﻘﺩ ﺴﺒﻕ ﺃﻥ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﺒﺄﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﻜﺎﻨﻁﻴﺔ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘل. ﻭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﺠﻴﺏ ﻟﻠﻌﻘل ﻫﻲ ﺇﺭﺍﺩﺓ
ﺨﻴﺭﺓ. ﻭ ﻫﻲ ﺸﺭﻁ ﺍﺴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﻜل ﻓﻌل ﺃﺨﻼﻗﻲ ﻷﻨﻬﺎ ﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻥ ﻜل ﻤﻨﻔﻌﺔ ﻓﻬﻲ ﻏﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺎﻴﺎﺕ ﻓﻲ
ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ.
* ﻭ ﻤﻴﺯ ﻜﺎﻨﻁ ﺒﻴﻥ ﻨﻭﻋﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻷﻭﺍﻤﺭ:
- ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺸﺭﻁﻲ: ﻭ ﺼﻴﻐﺘﻪ ﻤﺜﻼ : " ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﻴﺤﺒﻙ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺎﻓﻌل ﺍﻟﺨﻴﺭ". ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻻ
ﻴﻌﺘﺒﺭﻩ ﻜﺎﻁ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ، ﻷﻥ ﻏﺎﻴﺘﻪ ﻟﻴﺴﺕ ﻓﻌل ﺍﻟﺨﻴﺭ ﺒل ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺤﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻐﺎﻴﺘﻪ ﻨﻔﻌﻴﺔ ﺇﺫﻥ. ـ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﻘﻁﻌﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ: ﻭ ﺼﻴﻐﺘﻪ " ﻋﻠﻴﻙ ﺒﻔﻌل ﺍﻟﺨﻴﺭ". ﻭﻫﻭ ﻤﻨﺯﻩ ﻤﻥ ﻜل ﺃﺜﺭ ﻨﻔﻌﻲ. ﻓﻬﻭ
ﺇﻟﺯﺍﻤﻲ ﺒﻌﻴﺩ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ، ﻤﻁﻠﻕ، ﻏﺎﻴﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﺘﻪ، ﻻ ﻴﺒﺭﻫﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻴﺘﺼﻑ ﺒﺎﻟﻜﻠﻴﺔ. ﻓﻬﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻷﻤﺭ
ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﻓﻲ ﻨﻅﺭ ﻜﺎﻨﻁ، ﺇﻨﻪ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺴﻠﻭﻜﻲ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
* ﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﻜﺎﻨﻁﻲ:
ـ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺃﻤﺭ ﺼﻭﺭﻱ: ﺃﻱ ﻋﻘﻠﻲ ﺨﺎﺹ ﻏﻴﺭ ﻤﺴﺘﻤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ.
ـ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺨﺎل ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺭﺽ ﺍﻟﻨﻔﻌﻲ ﺃﻱ ﺃﻨﻪ ﻴﻁﻠﺏ ﻟﺫﺍﺘﻪ .
ـ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻤﺴﺘﻘل ، ﻓﻼ ﻴﺘﺄﺜﺭ ﺒﺎﻟﻤﻴﻭل ﻭ ﺍﻟﺭﻏﺒﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻌﻭﺍﻁﻑ.
* ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻋﻨﺩ ﻜﺎﻨﻁ :
ـ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻡ: "ﺍﻋﻤل ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﻨﺕ ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺼﺒﺢ ﻤﺒﺩﺃ ﻋﻤﻠﻙ ﻗﺎﻨﻭﻨﺎ ﻋﺎﻤﺎ ﻟﻠﻁﺒﻴﻌﺔ".
ـ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻐﺎﺌﻴﺔ: "ﺍﻋﻤل ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻤﺎﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻨﻔﺴﻙ ﻭﻓﻲ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻜﻐﺎﻴﺔ ﻻ
ﻜﻤﺠﺭﺩ ﻭﺍﺴﻁﺔ"
ـ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل: "ﺍﻋﻤل ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﻓﻴﻪ ﺇﺭﺍﺩﺘﻙ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻤﺸﺭﻋﺔ ﻭﻤﻨﻔﺫﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﺸﺨﺎﺹ
ﻋﻘﻼﺀ ﺃﺤﺭﺍﺭ".
ﻭ ﻫﻜﺫﺍ، ﺠﻌل ﻜﺎﻨﻁ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ، ﻋﻘﻠﻴﺔ، ﻋﺎﻤﺔ، ﻏﻴﺭ ﺨﺎﻀﻌﺔ ﻟﻸﻫﻭﺍﺀ ﻭ ﺍﻟﻌﻭﺍﻁﻑ ﻭ
ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺭﺓ.
* ﻨﻘﺩ:
- ﺇﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻋﻨﺩ ﻜﺎﻨﻁ ﻻ ﻴﺼﻠﺢ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻋﻘﻼ ﺨﺎﻟﺼﺎ.
ﻭ ﺍﻟﺤﺎل ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ، ﺇﻨﻪ ﻜﺎﺌﻥ ﻤﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭ ﻭ ﺍﻷﺤﻭﺍل، ﺘﺎﺭﺓ ﺘﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ، ﻭ ﺘﺎﺭﺓ ﻴﻨﺤﻨﻲ ﺃﻤﺎﻡ
ﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ... ﻓﻼ ﻴﻌﻘل ﺃﻥ ﻨﺘﺠﺎﻫل ﺘﺄﺜﻴﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﻓﻲ ﺍﻷﺨﻼﻕ.
- ﺃﻻ ﺘﺭﻯ ﺃﻨﻙ ﻗﺩ ﺘﻨﺩﻓﻊ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺝ، ﺒﺴﺒﺏ ﻤﻭﻗﻑ ﻤﺅﻟﻡ ﺠﻌﻠﻙ ﺘﺸﻔﻕ ﻋﻠﻴﻪ؟ ﺃﻟﻴﺱ ﺫﻟﻙ ﺒﺨﻴﺭ
ﺃﺴﻤﻰ؟ ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺼﺎﺩﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ،
ﻭ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺃﻭﺠﺒﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻙ.
3- ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :
ﻴﺭﻯ ﺃﻨﺼﺎﺭ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻴﻨﺸﺄ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺘﻔﺭﻗﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻭ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ
ﺍﻟﻀﺎﺭ، ﻭ ﺒﺎﻟﺘﺩﺭﻴﺞ ﻴﺘﻤﺴﻜﻭﻥ ﺒﺎﻷﻭل ﻟﻴﺼﺢ ﻭﺍﺠﺒﺎ ﺘﺘﺒﻨﺎﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭ ﺘﻔﺭﻀﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺭﺩ. ﻓﻘﺩ ﺫﻫﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺇﻤﻴل ﺩﻭﺭﻜﺎﻴﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻫﻭ ﻤﺼﺩﺭ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻷﻨﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺩ
ﻤﻌﻨﻴﻲ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻭ ﺍﻟﺸﺭ ، ﻓﻴﻠﺯﻡ ﺃﻓﺭﺍﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺒﺎﻉ ﻤﺎ ﻴﺭﺍﻩ ﺨﻴﺭﺍ ﻭ ﻴﻤﻨﻌﻬﻡ ﻤﻥ ﻓﻌل ﻤﺎ ﻴﺭﺍﻩ ﺸﺭﺍ. ﻗﺎل
ﺩﻭﺭﻜﺎﻴﻡ : " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﺤﺩﺩ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻨﻅﺎﻡ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ".
ﻭ ﻫﻜﺫﺍ، ﻭ ﻤﻬﻤﺎ ﺒﺩﺍ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻥ ﻀﻤﻴﺭ ﺍﻟﻔﺭﺩ، ﻓﻬﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻥ
ﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ، ﻷﻥ ﺍﻷﻭل ﻟﻴﺱ ﺴﻭﻯ ﺍﻨﻌﻜﺎﺴﺎ ﻟﻠﺜﺎﻨﻲ.
ﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :
- ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻴﺼﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ، ﻭ ﻫﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻱ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ.
- ﺴﻠﻁﺘﻪ ﻤﺘﻌﺎﻟﻴﺔ ﻋﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﺭﺩ.
- ﻴﺘﻀﻤﻥ ﺼﻔﺔ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺍﻵﺘﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.
* ﻨﻘﺩ:
- ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻗﺩ ﻴﻠﺘﺯﻡ ﺒﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺸﻌﺭ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻭﺍﺠﺏ ﻋﻠﻴﻪ.
- ﺇﻥ ﺭﺒﻁ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻨﺤﺩﺭ ﺒﺎﻟﻘﻴﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺩ،
ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻨﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻘﻴﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ.
- ﺇﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺒﻤﻨﻅﻭﺭ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻻ ﻴﺘﻀﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻤﺴﺅﻭﻻ ﻋﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ.
ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ :
ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺘﻭﺍﻓﻘﺔ ﻤﻊ ﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ.
IV- ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭ ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ
ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ...ﺃﻻ ﺘﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﺎ ﻴﻁﺎﻟﺒﻭﻥ ﺒﺎﻟﺤﻘﻭﻕ ﻷﻨﻔﺴﻬﻡ –
ﻭ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎ ﺒﺄﻜﺜﺭ ﻤﻨﻬﺎ - ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﻁﺎﻟﺒﻭﻥ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺒﻭﺍﺠﺒﺎﺘﻬﻡ ؟ ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻤﺎ ﻫﻭ ﻟﻙ ﻭ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ
ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻤﺎ ﻫﻭ ﻋﻠﻴﻙ، ﺃﻻ ﻴﺩل ﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﺘﻌﺎﺭﺽ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺴﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﺒﻴﻥ
ﺍﻟﻨﺎﺱ؟ ﻭ ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻕ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻤﻴﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺤﺏ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺤﺏ
ﺍﻟﻐﻴﺭ؟
1- ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻭ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ: ﺃﻭﻏﺴﺕ ﻜﻭﻨﺕ A.Comte
ﻴﺭﻯ ﺃﻭﻏﺴﺕ ﻜﻭﻨﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻴﻁﺎﻟﺒﻭﻥ ﺒﺤﻘﻭﻗﻬﻡ ﻤﻘﺎﺒل ﻨﺴﻴﺎﻥ – ﺃﻭ ﺘﻨﺎﺴﻲ – ﻭﺍﺠﺒﺎﺘﻬﻡ. ﻭ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ
ﺒﺎﻟﺤﻘﻭﻕ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﺨﺘﻼل ﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻷﻨﻬﺎ ﺘﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺃﻤﺎﻡ ﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﻨﺯﻭﺍﺕ ﺍﻷﻨﺎﻨﻴﺔ. ﻭ ﺒﻤﺎ ﺃﻥ
ﺍﻟﺤﻕ ﻻ ﻴﺘﺤﻘﻕ ﺇﻻ ﺒﻘﻴﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﻭﺍﺠﺒﺎﺘﻬﻡ، ﻴﻘﺘﺭﺡ ﺃﻭﻏﺴﺕ ﻜﻭﻨﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺤﻕ ﻭ ﺍﻹﺒﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ، ﻷﻥ ﺫﻟﻙ ﺴﻴﺅﺩﻱ ﺁﻟﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺤﺼﻭل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻭﻗﻬﻡ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﻬﺎ ﺩﻭﻤﺎ.
2- ﺍﻟﺘﻼﺯﻡ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻭ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ - ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺃﻭﻏﺴﺕ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻹﺒﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻁﻐﻴﺎﻥ ﺍﻷﻨﺎﻨﻴﺔ، ﻓﻨﺤﻥ ﻨﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﺄﻥ
ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻜﺫﻟﻙ ﺼﺤﻴﺢ. ﻷﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻗﺩ ﻴﺘﺨﺫ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﻻﻨﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻤﻅﺎﻟﻡ ﻭ ﺍﺴﺘﻐﻼل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ.
- ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺘﺼﻭﺭ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎ ﺨﺎﻟﻴﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺃﻭ ﺨﺎﻟﻴﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ، ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺘﻼﺯﻡ ﺃﻭ
ﺘﻀﺎﻤﻥ. ﻓﺎﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻕ ﻴﺸﺘﺭﻁ ﻓﻴﻪ ﻗﻴﺎﻡ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﺒﻭﺍﺠﺒﺎﺘﻪ ﺃﻭ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺒﻭﺍﺠﺒﺎﺘﻪ (ﻻ ﻴﻤﻜﻥ
ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺘﺏ ﺍﻟﺸﻬﺭﻱ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺎﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﻤﻬﻨﻲ)، ﻭ ﺒﺎﻟﻌﻜﺱ ﻓﺈﻥ ﺘﺄﺩﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ
ﻟﻭﺍﺠﺒﻪ ﻴﻘﺎﺒﻠﻬﺎ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻪ ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺏ ﻋﻨﻪ.
- ﻗﺩ ﻴﺤﻠﻭ ﻟﻠﺒﻌﺽ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺃﻭﻟﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻕ ، ﻭ ﻟﻠﺒﻌﺽ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﺃﻭﻟﻰ ﻤﻥ
ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ. ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻤﺜﻠﺔ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﺘﻜﺫﺏ ﻜل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﻭﻟﺘﻴﻥ : ﻓﻠﻠﻁﻔل ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺤﻘﻭﻕ ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻪ ﻏﻴﺭ ﻤﻁﺎﻟﺏ
ﺒﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﻭ ﻫﺫﺍ ﺩﻟﻴل ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻴﺴﺒﻕ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻤل ﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﻤﻬﻨﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻕ
ﻭ ﻫﺫﺍ ﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻕ. ﻟﺫﺍ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺃﻤﺭ ﻏﻴﺭ ﻤﺠﺩﻱ ﺒل ﻭ
ﻋﻘﻴﻡ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻬﻡ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻭ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺘﻼﺯﻡ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺃﻴﻬﻤﺎ ﻋﻠﺔ ﺃﻭ ﻤﻌﻠﻭل.
- ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭ ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺘﺒﻘﻰ ﻏﻴﺭ ﻤﻀﺒﻭﻁﺔ ﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺘﺤﺩﺩﻫﺎ ﻭ ﺘﺒﻴﻥ ﻨﺴﺒﺔ
ﻜل ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻬﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﺨﺭ,.
ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ : ﺇﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭ ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺒﻔﻀل ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ، ﻫﻭ ﻏﺎﻴﺔ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.