أبو الطفيل (ع)
خاتم من رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا ، واستمر الحال على ذلك في عصر التابعين وتابعيهم وهلم جرا ، لا يقول آدمي : إننى رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى نبغ بالهند بعد خمس مائة عام بابا رتن ، فادعى الصحبة ، وآذى نفسه ، وكذبه العلماء . فمن صدقه في دعواه ، فبارك الله في عقله ، ونحن نحمد الله على العافية .
واسم أبي الطفيل ; عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو الليثي الكناني الحجازي الشيعي .
كان من شيعة الإمام علي . مولده بعد الهجرة .
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في حجة الوداع وهو يستلم الركن بمحجنه ، ثم يقبل المحجن .
وروى عن : أبي بكر ، وعمر بن الخطاب ، ومعاذ بن جبل ، وابن مسعود ، وعلي .
حدث عنه : حبيب بن أبي ثابت ، والزهري ، وأبو الزبير المكي ، وعلي بن زيد بن جدعان ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم ، ومعروف بن خربوذ ، وسعيد الجريري ، وفطر بن خليفة ، وخلق سواهم .
قال معروف : سمعت أبا الطفيل يقول : رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا غلام شاب يطوف بالبيت على راحلته ، يستلم الحجر بمحجنه .
وقال محمد بن سلام الجمحي : عن عبد الرحمن الهمداني ، قال : دخل أبو الطفيل على معاوية ، فقال : ما أبقى لك الدهر من ثكلك عليا ؟ قال : ثكل العجوز المقلات والشيخ الرقوب . قال : فكيف حبك له ؟ قال : حب أم موسى لموسى ، وإلى الله أشكو التقصير .
وروي عن أبي الطفيل قال : أدركت من حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثمان سنين .
وقيل : إنه كان ينشد : وخـلفت سهما في الكنانة واحدا
سيرمى به أو يكسر السهم كاسره
وقيل : إن أبا الطفيل كان حامل راية المختار لما ظهر بالعراق ، وحارب قتلة الحسين .
وكان أبو الطفيل ثقة فيما ينقله ، صادقا ، عالما ، شاعرا ، فارسا ، عمر دهرا طويلا . وشهد مع علي حروبه .
قال خليفة : وأقام بمكة حتى مات سنة مائة أو نحوها . كذا قال . ثم قال : ويقال : سنة سبع ومائة .
وقال البخاري حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا مبارك ، عن كثير بن أعين ، قال : أخبرني أبو الطفيل بمكة سنة سبع ومائة .
وقال وهب بن جرير : سمعت أبي يقول : كنت بمكة سنة عشر ومائة ، فرأيت جنازة ، فسألت عنها . فقالوا : هذا أبو الطفيل .
قلت : هذا هو الصحيح من وفاته لثبوته ، ويعضده ما قبله . ولو عمر أحد بعده كما عمر هو بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- لعاش إلى سنة بضع ومائتين .