الأمم العظيمة تنجب العظماء وتمد البشرية على مر الدهور بصناع القرار الذين يعلون من قدر الشعوب لتجد سبيلها إلى الرقي وإثبات الوجود لتحيا بعزة وخلود لتعيش في آفاق الإنسانية الرحيبة وترفع عن كاهلها أغلال التبعية والعبودية..وفي ذمتي إن العظماء لشموع تذيب حياتها وتضحي بريعان شبابها لتنير البشرية وتبعد عنها ظلمة الليل البهيم ليل الجهل والتخلف الحالك...فعاشوا متعبين وماتوا مطمئنين بعبق روح الرقي في العالمين فصار حديثهم يروى بكل لسان بكل الأمصار وذكراهم مخلدة في الأذهان على مر الأعصار فرتلوا أنشودة العظمة على سمع الوجود ليروموا مجدا إن في المجد لعز وخلود..فخلدهم التاريخ كما خلد من صلاح الدين ذكرى الليوث الحماة على ساحات حطين..وخلد محمدا الفاتح الغازي المقدام الذي أسار القسطنطينية بالخطوب الجسام ..ذلك لأنهم عرفوا أن لكل شيء نهاية فهونوا على أنفسهم الأمور فسايروا المقادير وتجاوزوا المحاذير وأيقنوا أن الناس لن تذكر المسير بل ستذكر الأثر فاهتموا بطول الأثر ..ولــكن آن ما يروى عنا عن ذكريات عزنا لم نورده للمباهاة بل للتذكير ،ولا نعرضه للمفاخرة لكن على سبيل الملامة والترقيع فلقد طال بني يعرب العمر حتى استبدلوا لحافهم من لحاف الرشد والفراسة إلى لحاف الطيش والتهور فنحن أصبحنا غير الذي كنا فشمس العرب كانت ساطعة وأرضها خصبة فأنبتت الأدمغة المفكرة والعقول المدبرة أمثال ابن رشد وابن الهيثم ..أما الآن فأصبحنا نفتح أعيننا في قلب الظلام وعمق الضلال ولب الزيغ فصرنا نرى الظلام يلف بنا ويمتص دماء العروبة ويهدم القيم الإسلامية فنقبع غير آبهين بذلك..يا بني أمتي أفيقوا .. يا بني أمتي أفيقوا وأعملوا بصائركم وأضيئوا دربكم بشموع العلم وبددوا الظلام بأنوار العزة والعروبة و الإسلام فلنصنع يدا على يد ولنقف وقفة رجل واحد وليكن خير الجيش جيشنا و خير القائد قائدنا ولتفتح روما بعقولنا لا بسيوفنا ولتحرر فلسطين بقوة تدبيرنا لا بعدتنا ولنكن تلك الأمة التي سيضل ذكرها على الألسن أنها أمة الإسلام أمة الهمم أمة من خير الأمم.