- lynda2013 كتب:
- هل دور الحزب وهو في السلطة او المعارضة هو نفس الدور علل
4 متوسط
الحزب السياسي هو تنظيم سياسي يسعى إلى بلوغ السلطة السياسية داخل الحكومة، وعادة من خلال المشاركة في الحملات الانتخابية. والأحزاب السياسية تمارس الديمقراطية في داخلها من خلال انتخاب أعضائها في أمانات الحزب المختلفة وصولا إلى انتخاب رئيس الحزب، وترشيح أعضاء ينتمون للحزب لخوض الانتخابات.
الأحزاب السياسية كثيراً ما تتبنى أيديولوجية معينة ورؤى، ولكن يمكن أيضا أن تمثل التحالف بين المصالح المتباينة.
ي العلوم السياسية توجد عدة تعاريف للأحزاب السياسية. تقليديا ركز علماء السياسة على دور الأحزاب السياسية، باعتبارها أدوات للترويج ترشح في الانتخابات للمناصب العامة يعرف الأحزاب السياسية على النحو التالي : "حزب سياسي هو جماعة منظمة رسميا أن يؤدي وظائف وتثقيف الجمهور لقبول النظام فضلا عن الآثار المباشرة أكثر من اهتمامات السياسة العامة، ويشجع الأفراد لتولي المناصب العامة، والتي تشمل وظيفة الربط بين الجمهور ومتخذي القرارات الحكومية. "
إن تطور مجتمع ما يحدث من خلال التعقيدات المتنامية للعلاقات الاجتماعية. إذا وضعت الفعاليات الاجتماعية في خدمة الحاجات أو الضروريات الأساسية للفرد، تصبح بسرعة فعالية تعود إلى السلطة، نفس الشيء من جهة أخرى ، الفعالية السياسية تحددها وتصنفها " السلطة ".1
و مقارنة الظاهرة من خلال أو تحت أشكال مقاربة ( المؤسساتية) معروفاً جداً . أيضاً منهج " الحق الدستوري" يحلل كذلك الحياة السياسية من الزاوية العضوية ( الجهازية) ومن ناحية الإجراءات أو ( الإجرائية). هذا الشكل الجديد من ( الأخذ بعين الاعتبار) عدد من القوى ، تجاهلته الحقوق الدستورية زمناً طويلاً بسبب عدم القدرة على إدماجه ضمن نطاق اهتمامها أو تحليلها. ونقصد هنا " القوى السياسية " ، وإن وضعت ضمن الاهتمام الدستوري بشكل " مراوغ". ما هي هذه القوى السياسية؟ إنها التنظيمات ( المنظمات) التي تؤثر على الحياة السياسية، والتي تتدخل في صيرورة اتخاذ القرار السياسي، إما بالمشاركة في تعيين أو تسمية السلطة السياسية، أو تتدخل إلى جانب هذه السلطة للحصول على قرار، أو تعمل لتعديل أو تغيير القرار بشكل يكون مقبولا بالنسبة لها. ويرى M. burdeau بشكل أكثر تجريدية أن : القوة السياسية هي : " كل الطاقة الاجتماعية التي تقوم السلطة بتوظيفها ".2
إن القوى السياسية المعُرّفة هي متعددة ومختلفة ولها تصنيفات تكاد لا تحصى ، ويمكن أن تكون معايير التميز بينها متعددة. فيمكن أن نميز القوى السياسية من حيث أن لديها " بنية" متكاملة أو مجهزة جيداً ، أو قوى متفككة متناثرة. وشكل آخر للتمييز ممكن من هذا الإطار، وهو يتعلق بوسائل التدخل بالحياة السياسية.
إذا كانت هذه التصنيفات مفيدة ، فإنها ليست بشكل دائم معايير متقدمة لقراءة الاختلافات بين القوى السياسية، ومن جهة أخرى لا يمكن لأي من هذه التصنيفات أن يظهر " كمحدد" واحد أو "معيار" للتمييز أو التصنيف.
ضمن هذه الشروط للتمييز أو التفريق الكلاسيكي بين الأحزاب السياسية أو جماعات الضغط ، تبقى التصنيفات المذكورة الأقل سوءاً ، وله إيجابيات عدة:
ـ تفريق بسيط غير معقد ، والذي يسمح بمقارنة " المجموعات" التي لديها موضوعات أساسية أهمها البحث عن السلطة ، أو معارضة ومقاومة السلطة.
ـ تفريق وتمييز عملي، لأنه في الحياة السياسية ، مفاهيم الأحزاب السياسية وجماعات الضغط تطابق أو توافق العديد من الأشياء والتي نشعر ( أو تشعرنا) أنها حقيقية.
الأحزاب السياسية :
ينبغي في البداية التساؤل كيف يكون الحزب السياسي؟ وهل توجد معايير متنوعة تسمح بقراءة وجود الأحزاب السياسية ، ومن ثم تصنيفها ؟
إشكالية أخرى أساسية تتركز حول العلاقة بين الأحزاب السياسية والديموقراطية . وهذه إشكالية جوهرية باعتبار أننا عشنا في بلدان لم تعرف منذ استقلاله أي ظاهرة سياسية " حزبية" ديموقراطية، أو أي نظام سياسي يمكن تصنيفه " مثالي" "عادل" أو ديموقراطي. باعتبار أن الديموقراطية هي النظام الأقل سوءاً في تاريخ البشرية وحتى الآن .
الأحزاب السياسية تشكل في كل الديمقراطيات الليبرالية جسر العبور الإجباري للمنافسة السياسية وتكون ضمن هذا العنوان واحدا من المواضيع الرئيسية والشرعية للعلوم السياسية. عموما ، هناك تمييز يعمل " بضم الياء " في داخل الطبقة السياسية وهو بين طبقتين :
الأولى : الطبقة " الحاكمة " ، وهذا يعني كل أو مجموع الأشخاص الذين يضمنون الإشراف السياسي و الإداري للمجتمع.
الثانية : الطبقة المناصرة أو الأنصار ، وهؤلاء هم المجموع الذي يضمن إشعال المنافسة وديمومتها.
بين هاتين الطبقتين يوجد بنفس الوقت علاقة ترابط و أخرى علاقة تباعد أو تنافر.
تباعد : من حيث أن وظيفة كل طبقة مختلفة عن الأخرى.
ترابط : من حيث أن الحاكمين أو القياديين ضمن الأحزاب هم من المناصرين والناشيطين القدامى في هذه الأحزاب.
الاحزاب السياسية
الأحزاب السياسية هي قديمة. فقد تحدث أر سطو عن الجمعيات السياسية ، ولكن لم يعط معلومات عن نشاطاتها وفعالياتها والتي لم تكن بالتأكيد تعطي نفس المعنى اليوم. ولكن إذا كان مصطلح الحزب قديماً ، فإن مفهوم الحزب السياسي لم يبدأ بشكل حقيقي إلا مع ظهور "البرلمانية" parlementarisme.
حتى القرن التاسع عشر، التجمعات السياسية كانت موجودة ، ولكن اعتمدت بشكل جوهري على اعتبارات شخصية تتعلق بالصفات الشخصية لأعضاء هذا التجمع من أجل الحصول على أعضاء أو مناصرين أو على التجانس الفكري و الأيدلوجي. وقد حصل التجانس و التكتل الأيدلوجي بشكل واضح على سبيل المثال ما قبل و أثناء الثورة الفرنسية، كما فعل " الجيرونديون" . أما في بريطانيا نرى ظهور الأحزاب بعد الإصلاح الذي أصاب الانتخابات 1832 والذي زاد من عدد الناخبين . الأحزاب البريطانية طورت نوعية تنظيمها وأصبحت أحزابا وطنية، بمعنى الانتشار الجغرافي هنا. وفي فرنسا بقى مصطلح الحزب يستحضر ويذكّر باتجاه أو نزعة. وظهر في عام 1848 ما يمكن أن ندعيه "
حزب العمال" والذي يشير حصراً إلى الحزب الذي اخذ على عاتقه الدفاع عن مصالح العمال ، ومن هنا ضمن هذه المرحلة من عمر فرنسا وجد العديد من الأحزاب العمالية وخارج فرنسا أيضاً. ولكن قبل نهاية القرن التاسع عشر مصطلح الحزب لم يأخذ معناه كتنظيم سياسي مبني بقوة وترتيب سياسي " بنيوي" وبالتحديد بين عام( 1891ـ 1864) . الأحزاب السياسية الحالية تشكل نماذج من التنظيم مختلفة جداً عما كانت عليه الأحزاب في القرن التاسع عشر، خاصة فيما يتعلق بوظيفتها أو قواعد عملها.
مفهوم الحزب السياسي :
لابد من طرح سؤال في البداية عن ماهية الحزب السياسي ؟ وماذا يختلف عن بقية التنظيمات الأخرى ؟ والسؤال الآخر ، ما هي المهمة الأساسية للحزب السياسي؟
1ـ تعريف عام للأحزاب :
أ ـ التعريفات المقترحة
ـ النماذج المتعددة للتعريفات :
تعاريف الأحزاب السياسية متعددة، كونها تعتمد على عناصر مختلفة. عدة كُتاب يعتمدون في التعريف على الاشتراك في وجهات النظر بين أعضاء الحزب، تتعلق بالمفاهيم السياسية وبمراقبة مجرى الحياة السياسية . عند " constant Benjamin " " الحزب هو اجتماع من الناس لديهم، أو ينادون، بمذهب سياسي واحد "2. ولكن هذا التعريف كبير وفضفاض، لأنه لا يدرس إلا جانباً من الحزب السياسي وبذلك لا يغطي الصفات الكاملة للحزب السياسي . ومن جهة أخرى يمكن أن تتحدث مع مجموعة من الناس يؤمنون مثلك بأفكار واحدة في نادي اجتماعي، ولكن هذا لا يعني تشكيل أو تنظيم حزب سياسي.
"H. Kelsen" القانوني المعروف ، يقترح من جانبه التعريف التالي: " الأحزاب هي تكوينات تجمع عدد من الناس من نفس الرأي لتحقيق تحالف حقيقي وسيطرة على إدارة الشؤون العامة". هذا التعريف ينطبق على ما قبله " تحالف سيطرة وحقيقة" وهذا ما تريد الأحزاب حقيقة الحصول عليه في داخل الحياة السياسية. وهناك من يجد أن هذا التعريف لا يكفي.
في العالم المعاصر ، تعاريف عدة للأحزاب السياسية أسست على مفهوم " المكان" الجوهري الذي يشغله الحزب السياسي، ومن ثم مقاصده باتجاه " غزو" السلطة. هذه المدرسة من بين جميع المدارس السياسية التي يمكن أن نسميها " بالواقعية".
"François Gorguel" ، يعرّف الحزب " مجموعة منظمة للمشاركة في الحياة السياسية، إما من خلال السيطرة الكاملة أو المشاركة في السلطة، وتحقيق أفكار ومصالح أعضائه".
السيسيولوجي والمنظّر السياسي الشهير Gorges Burdeau يرى بالحزب " مجموعة من الأفراد لديهم نفس الرؤى السياسية، تجهد وتبحث لتجعلها متفوقة على غيرها من الرؤى، محاولة جمع أكبر عدد ممكن من المواطنين في البحث عن عملية الوصول إلى السلطة، أو على الأقل التأثير على أفكارهم" . ربما هذه التعاريف الأخيرة مقنعة أكثر من غيرها، باعتبارها تتحدث مباشرة عن المفهوم الحقيقي لتنظيم الأحزاب ولاسيما طموحها النهائي لتجربة ممارسة السلطة.
ولكن ربما يكون التعريف الأخير تجاهل أشياء أخرى مهمة بتنظيم وتصنيف الأحزاب السياسية : خاصة عندما يقول أن الحزب يعمل على ضم أكبر عدد ممكن من المواطنين والأعضاء، الحزب ليس بالضرورة كذلك، لأن التعريف يستبعد ما نسميه " أحزاب الكوادر" [ انظر لاحقا تعريف أحزاب الكوادر]. وفي التعريف المذكور لابد أن يخرج الحزب عن طبيعة وبنيته الداخلية، خاصة عندما يجمع كل من يؤمن أو لا يؤمن بأفكاره أو يشترك معه. إضافة لذلك هناك أحزاب "مغلقة" ، وتمارس عملها بالإكراه والإجبار ( حزب البعث مثلا والعديد من الأحزاب الفاشية).
ب ـ معايير تعريف الحزب السياسي:3
1ـ المعايير القانونية :
من وجهة نظر قانونية يظهر الحزب السياسي كشكل من أشكال الجمعيات الخاصة، والذي يمارس نشاطاته ضمن نطاق الدولة.
ـ الحزب كجمعية خاصة :
الحزب السياسي جمعية جامعة عدد من الأفراد لديهم أفكار وأراء مشتركة بهدف إدارة المصالح المشتركة. إذا المفهوم الأول هنا هو " المشاركة" أو " الاشتراك" الذي يجمع ويوحد الأفراد لتحقيق نصر ما للأفكار التي يحملوها، ويمكن أن يكون ذلك عبر إيصال شخص ما إلى السلطة. وفي أبعد من ذلك ، هذا المفهوم يمكن أن يضم ويوحد ليس فقط العلاقات السياسية، بل أيضاً العلاقات الخاصة بين أفراد الحزب أو المشتركين في رأي واحد.
هذا المفهوم إذا يمكن أن يكون أكثر أو أقل "تركيباً" أو أكثر أو أقل " شمولية". ويبقى القول أن هذا المفهوم يختلف من حزب لآخر.
ـ التعددية والاحتكار :
يمكن أيضاً مناقشة الأحزاب التي تختلف من حيث مفهومها للسياسة التعددية، أو مفهوم الاحتكار السياسي. المفهوم يحاول إقناع الناخب للتصويت له ولكنه يحترمه إذا رفض هذا الناخب التصويت. ويعني هذا أن الحزب يعمل في مناخ من المؤسسات السياسية الحديثة فهو يمارس فعلاً سياسياً وديموقراطياً، ويحترم مفاهيم التعليم السياسي والاجتماعي. هدفه الانتخابات لكن يحترم حقوق الأشخاص وحريات المواطنين.
أما المفهوم الأخر " الاحتكاري"، فهو على العكس من ذلك، لديه مفهوماً" شمولياً" بالمعنى الأساسي للكلمة" الأصلي" وليس السياسي أي بمعنى "ما يشمل جميع عناصر مجموع معين". لا يقبل أية حقيقة أخرى سوى التي يعلن عنها دائماً. وكل من يرفض تبني هذه الحقيقة يمكن اعتباره بالنسبة للحزب "نعجة ضالة"، والتي لابد من عودتها أو وضعها على الطريق المستقيم. ويجب إعاقة تشكيل أو تكوين أي رأي يمكن أن يمزق الرأي الرسمي المدعوم من الحزب. وقد وصف M. Waline هذا النوع من الأحزاب أو العقائد بالأحزاب " الاقصائية" أو أحزاب " الاستيعاب".
ـ الحزب و"مخلصوه" :
بما أن الحزب يجمع الأشخاص الذين لديهم نفس الرأي، فأنه يظهر كعقد بين هؤلاء الأشخاص، ولكن الصلة بين الأحزاب والأعضاء الذين يساندوه يمكن أن تكون جيدة وحميمة أو أقل من ذلك. وضمن هذا النطاق يمكن التمييز من علاقة الحزب بأتباعه كالتالي:
ـ ناخبوا الحزب : وهم الأقل ارتباطا بالحزب، وهم الأشخاص المصوتون للحزب ولكن ليس لهم أي ارتباط قانوني به. وليس لديهم مشاركة في حياة الحزب. انطلاقا من هذا تأتي صعوبة تعريف الكتلة الانتخابية لحزب ما، لوجود عدد من الناخبين يبدلون رأيهم ويعطون أصواتهم لحزب أخر.
ـ المتعاطفون : وتعود علاقتهم بالحزب إلى المصالح التي يحملها الحزب لهم. ويمكن أن يساهموا في شراء جريدة الحزب، أو بعض المساعدات المالية.
ـ المنتمون : خارج الفئات السابقة، وهم يشكلون أعضاء الحزب. يمكن الإشارة مبدئياً إلى أن هذه الفئة من المنتمين لا تتواجد غالبا في الأحزاب السياسية التي يمكن تصنيفها " أحزاب الجماهير". ولابد من الإقرار بوجود ثغرات بهذا التصنيف حيث الأحزاب المسماة أحزاب " الكوادر" تقبل الكثير من المنتمين.
ـ المناضلون أو " الناشطون" : وهم يشكلون فئة من المنتمين : أو الناشطون الفاعلون كما يمكن أن نسميهم . على هؤلاء يعتمد الحزب في إتمام الأهم من أهدافه ومهماته. وهم يكرسون جزءاً كبيراً من وقتهم لتنفيذ قرارات أعضاء وقيادات الحزب. وهم يعملون أيضاً لنشر " إعلام" الحزب وصحفه، كما يعملون لكسب أعضاء جدد. مكلفون بالدعاية للحزب بشكل دائم. يعملون أيضا من منطق المحب والمنتمي لهذا الحزب، ومن منطلق قناعتهم الأيديولوجية، ورضاهم الشخصي.
( أنظر شار لوت، السياسة في فرنسا، 1994، صفحة 132).
ـ قيادة الحزب : وهم المسئولون عن فعاليات الحزب. يحددون إستراتيجية الحزب على المدى البعيد والقريب أيضاً، محددين التكنيك السياسي الذي سيتبنونه مرحلياً، أو في مواجهة أية مشكلة. ( البطالة، العلاقات الدولية...الخ) . يمثلون الحزب في لقاءه بالأحزاب الأخرى أو بالناس أو المناسبات. وهؤلاء ينتمون إلى ما نسميه : " الطبقة السياسية" .
2 ـ المعايير السيسيولوجية :
ـ المعالجات الطبائعية " معالجة طابع الحزب" :
منظرو الأحزاب السياسية أبعدوا التحليلات التي تقدم التحليل للأحزاب " كمنظمات" ، حتى يكون بإمكانهم تصنيف الحزب السياسي بشكل أشمل و أكثر حرية. J. Palombara و M. Weiner اعتبرا أنه يوجد أربعة معايير وهي في نفس الوقت ضرورية وكافية للحصول على حزب سياسي :
الأول : تنظيم مستمر ، وهذا يعني أن يكون للحزب " الأمل في الاستمرار". لكن في الحقيقة هذا المعيار لا يستبعد الأحزاب المؤسسة من قبل إنسان واحد، أو مجموعة من الناس حول فرد واحد، بشرط أن هذه الأحزاب تبقى على قيد الحياة من أجل الذي أنشئت من أجله. هذا المعيار مهم لتمييز الأحزاب الحديثة عن تلك التي ندعوها أحزاب " التشريفات" أو أحزاب النبلاء، كالتي ظهرت في إنكلترا في القرن الثامن عشر. ولكن بالمقابل هذا المعيار يفقد أهميته بالنسبة للأحزاب الحالية والتي في معظمها لا تختفي مع اختفاء مؤسسها.
الثاني : تنظيم متقن وكامل، على مستوى كامل الدولة. من هذا المعيار نستنتج أننا لا يمكن أن نعتبر الأحزاب المحلية هي أحزاب سياسية كاملة. حيث يجب أن يكون هناك ترتيبات للأحزاب، محلي تابع إلى مركز. ربما هذا المعيار مرتبط بشكل كبير مع ما قبله، فلا أمل لحزب ليس له إمتدادات محلية داخل الدولة أن يعيش طويلاً.
الثالث : الإدارة الحرة والقوية لقادة الأحزاب الوطنية والمحلية بممارسة السلطة، متفردة أو مع أحزاب أخرى ، في نظام سياسي قائم، أو نظام مستقبلي. هذا المعيار يميز الحزب السياسي عن الجماعات السياسية التي تعمل لممارسة الضغط فقط على السلطة السياسية. ومع هذا يبقى التميز صعباً جداً في الكثير من الأحيان بين النوعين. حيث يوجد مجموعة سياسية تتأسس للدفاع عن مصالح محددة، ومع نجاحاتها تحول نفسها لأحزاب سياسية. ( حزب العمال البريطاني مثلاً ينحدر في الأساس من النقابات).
الرابع : وهو البحث عن المساندة الشعبية، من خلال الانتخابات أو أي شكل آخر. وهذا المعيار بالتحديد يدفع الأحزاب السياسية للبحث عن " المراكز" أو " مخابر الأفكار" للحصول على المقترحات السياسية.
دور الحزب السياسي
إن دور الأحزاب السياسية متغير ومتبدل، فأحزاب القرون الماضية ليست أحزاب اليوم. ففي الماضي كان دور الحزب مختزل وضعيف، ودور المواطنين داخل الحياة السياسية أيضاً ضعيف، حيث من يمارس السلطة كان عددهم قليلاً. اليوم الصورة مخالفة تماماً للماضي، فدور الحزب السياسي هو جوهري في المجتمع.
1 ـ الأنظمة السياسية والأحزاب السياسية:
عمل ووظيفة الأحزاب السياسية وطبيعة هذه الأحزاب هو مختلف بالتأكيد عن الأنظمة السياسية:
يوجد اختلاف كبير بين الأنظمة السياسية التي تقبل التعددية السياسية، والأنظمة التي تتبنى سياسة الحزب الواحد، ففي هذه الأخيرة، الحزب لا يواجه أية منافسة، فهو المسؤول الوحيد عن السلطة، بينما في الأولى " التعددية" يكون هناك تقسيم للسلطة والمسؤولية.
دافيد أبتر، يميز وظائف الأحزاب السياسية وفق تواجدها في أنظمة ديموقراطية أو توتاليتارية. ففي النظام الديمقراطي، الحزب السياسي له ثلاثة وظائف أساسية : مراقبة السلطة التنفيذية، تمثيل المصالح ، اجتذاب المرشحين والأعضاء. وفي الشمولي، للحزب وظيفتين : الحفاظ على صلابة وتضامن المجموعة المكونة له، ودور الأشراف والإدارة.
نيل ماكدونالد، يلخص وظائف الأحزاب السياسية في المجتمع في خمسة :
ـ الحزب كأداة لسير العمل الحكومي.
ـ الحزب الذي يلعب دور " السمسار" ، أي وسيط بين الحاكم والمحكوم.
ـ الحزب كناطق باسم الرأي العام،
ـ الحزب كأداة لاختيار وتحديد المرشحين.
أما شارل ديباش وجان ماري بونتيه، يضيفان على السابق أن للحزب السياسي دور في التغبير عن عملية الاقتراع الوطني، ودور مهم في وظيفة التعليم السياسي.
2 ـ وظيفة تنظيم الانتخابات :
أ ـ تأطير الرأي العام :
الأحزاب السياسية تحدد بنية الانتخابات ، وسيرها وشكلها. ولكن هذا لا يعني فقط أن ينتمي الحزب في هكذا حالة لشخص واحد، وإنما للجدال والنقاش للأفكار والبرامج والمشاريع المطروحة. ومن غير اللجوء إلى الرأي العام والتعبير عنه تبقى الأحزاب حالة تمثل فرداً أو أفراداً وليس مشروعاً أو برنامجاً. الناخبون لابد أن يصوتوا لأفكار وبرامج وليس فقط لاعتبارات تتعلق بأشخاص. والعنصر الأكثر أهمية الذي يسمح للناخبين بتحديد رأيهم هو مدى " الفعالية البرامجية" للحزب السياسي. ويكون هذا من خلال اقتراح العديد من الحلول السياسية للإشكاليات التي تعاني منها الدولة.
ب : الاختلال بين الرأي العام و الأحزاب السياسية :
يأتي هذا الخلل من عدم كفاءة الأحزاب السياسية في تلبية كل حاجات الناخبين على جميع الأصعدة. فالسياسية الخارجية لبرنامج حزب معين تعجب بعض الناخبين ، والبرنامج الاقتصادي يعجب بعضا منهم فقط . ودور الحزب السياسي هنا هو تبيان ما هو مهم و الأكثر أهمية من بين مفردات برنامجه الانتخابي . خلل آخر ينتج من الفارق بين المواقف المستندة رسميا لحزب سياسي ما ، و السياسة التي يتبعها هذا الحزب عمليا بعد وصوله إلى السلطة . أيضا ليس من السهل على أي حزب أن يفي بجميع وعوده الانتخابية . ولكن الحزب في البلدان الديمقراطية الذي لن يفعل شيئا ، يخاطر وبقوة بعدم عودته بسرعة إلى النجاح في انتخابات أخرى. إذا الأفكار يجب ان تتطابق مع الواقع . أما في الدول الشمولية فالكثير من شعارات الأحزاب و التي تشكل راس مال هذه الأحزاب يجب أن يتم أرشفتها أو تصنيفها كإكسسوارات ، أو تدخل عالم النسيان .
ج : التأثير أو السيطرة على المنتخبين :
الدور الكبير للأحزاب السياسية الذي يتعاظم بشكل مستمر ، زاد من السيطرة و التأثير على المنتخبين. ولكن هذا الدور يأخذ قيمته الفعلية على الصعيد المحلي داخل الدولة ، ويستثنى منه المدن الكبيرة ، حيث الناخبين يتبعون بشكل أكبر " فردا " اكثر مما يتبعون أفكارا محددة. وضمن نطاق التأثير على المنتخبين هناك أشياء كثيرة لها أهميتها : مثل المساعدات المادية التي يقدمها الحزب ، أو التي يتلقاها. ولكن المساعدات المادية والإعلامية التي يقدمها الحزب للمرشحين لابد أن يكون لها منعكسات ما و أهمها : أن المرشحين يتقبلون برنامج الحزب ويلتزمون بها بشرط أن يدعمهم الحزب ، مع عدم الإغفال هنا أن الحزب سيسطر عليه ويعتبرهم من أعضاء جسمه السياسي. إذا هناك عقدا ضمنيا أو معلنا بين الحزب والمرشح ، يحدد العلاقة بينهما قبل و أثناء الانتخابات . على الصعيد القانوني ليس هناك ما يجبر المنتخب على تنفيذ البرنامج الذي فرضه الحزب عليه ، أما على الصعيد السياسي فهناك خطورة باستبعاد هذا العضو المنتخب من الحزب أو عدم ترشحه مرة أخرى من قبل الحزب.
د : التأثير على المنتخبين وفق نوع الحزب أو تصنيفه :
يتنوع التأثير على المنتخبين وفق تصنيف هذا الحزب أو ذاك ، ووفق شكل الاقتراع أو نموذجه . و وفق تصنيف الحزب : ففي الأحزاب المنظمة بشكل قاس وجامد ، كما هو في الأحزاب الجماهيرية أو " الشعبية " أو الأحزاب الإيديولوجية، يختلف عن الأحزاب " الكوادر " . حيث الأحزاب الإيديولوجية الجامدة يظهر المنتخب بفتح الخاء ، كخادم وعبد لفكرة ما ، في ظل أجواء ليس فيها حرية . أما في الأحزاب غير الأيديولوجية ، هناك احترام للفرد داخل الحزب السياسي ، فهو يستطيع أن يصوت مع أو ضد مشروع ما ، وفي الكثير من الأحيان يكون الفرد أهم من الفكرة.
إذا في الأحزاب الشمولية الفرد بكليته يخضع للحزب الذي يدير الآلة الحكومية . وفق نموذج أو شكل الاقتراع : هذا النموذج أيضا متغير وفق طريقة الاقتراع المتبعة . فالتمثيل التناسبي مثلا على لائحة المرشحين يحدث خضوعا كبيرا للمرشحين لسلطة الحزب. حيث أن المرشح لا يستطيع أن ينتظر شيئا هنا سوى من شخصيته أو جذبه للمقترعين ، والمقترعين أنفسهم لا يستطيعوا الاقتراع إلا بطريقة إجمالية للقائمة بشكل كامل ، أو رفضها بشكل كامل. في هذه الحالة ، الأفكار أو البرامج السياسية تعتمد على نوعية الأشخاص الذين تتألف منه القائمة الانتخابية ، خاصة إذا كانت القائمة تضم عددا كبيرا من المرشحين. في حالة أخرى ، يعتمد المرشحون على قائمة ما على وضعية الحزب الذي يرشحهم وعلى قوته في الحياة السياسية .
أيضا الاقتراع " الفردي " من دورة واحدة لديه تأثير قوي وخضوع للحزب السياسي، حيث يمكن أن يحدث من خلال تجمع العديد من الأحزاب على مدى قريب أو بعيد ، والتي تسيطر على الحياة السياسية ، وهذا بدوره ما يؤدي إلى استمرارها بقوة. أيضا سلطة الحزب تكون من الناحية النظرية أقل بكثير في حالة الاقتراع الفردي الذي يكون من دورتين، وفي حالة الاقتراع التناسبي المختلط على لائحة واحدة.
3 . وظيفة التعليم السياسي :
إن دور الحزب السياسي لا يتوقف عند لحظة الانتخابات. بل على الأحزاب أن تقوم بتحضير المقترعين لممارسة مسؤولياتهم ، مقترحة عليهم العديد من المفاهيم للعلاقات السياسية. و الأحزاب لا تبني علاقات سياسية فقط مع مقترعيها بل يجب أن تكون مع الذين لم يصبحوا بعد من مناصري الحزب. كما هو حال الكثير من الشباب ، التي تسعى الأحزاب السياسية لجذبهم إليها.
أ : الفعل الإعلامي
وهو إبلاغ المواطنين بالقرارات و " نيات " السلطة السياسية . هذه العملية يمكن إدراكها من خلال نوعين مختلفين :
الأول ، الحزب السياسي يستطيع نقل المعلومة من أجل إقناع المنتمين و المواطنين بالمشاركة في اتخاذ القرار الصادر عن السلطات العامة. ولكن في الأحزاب الشمولية يجري العكس تماما ، حيث يتخذ القرار السياسي ومن ثم يتم عرضها على الحزب وتتم الموافقة عليها " بالإجماع " .
عملية الفعل الإعلامي يمكن أن تكون بشكل معاكس للسلطة القائمة ، وهذا يكون من الأدوار المهمة للحزب السياسي في الأنظمة الديمقراطية. و الأحزاب السياسية الغير موجودة في السلطة يكون من مهامها أيضا تقديم شروحات دائمة للأفعال السياسية في الدولة ومن ثم عرض رأيها فيها و بالسياسة.
ب : العملية الإعلامية و المجتمع الحديث
هذا النوع من الإعلام الذي تقوم فيه الأحزاب السياسية له دور جوهري في المجتمعات المعاصرة التي أصبحت بالغة التعقيد . [ مثل النقاش حول الضمان الاجتماعي، الميزانية الوطنية ، ....] . بهذه الحالة ، وبتدخل الأحزاب السياسية في هذه المجالات ، تحدث عملية إعلام وتنوير بطريقة غير حكومية للرأي العام . ويمكن أن يتم هذا في العديد من اللقاءات الإعلامية عبر الصحف والراديو والتلفزيون بين ممثلي عدة أحزاب ، أو من خلال صحيفة الحزب أو مرتكزا ته الإعلامية.
ج : تشويه " الإعلام " أو التلاعب بالرأي
إن دور الأحزاب السياسية بإعلام المواطنين أو المناصرين ، لا يكون دائم كما هو مطلوبا منه أو كما تريد الناس. ففي الكثير من الحالات الأحزاب السياسية تفضل البحث عن منتمين بأية طريقة على أن تقدم معلومات مفيدة أو ثقافة سياسية حقيقية للمواطنين. لهذا السبب تقدم الأحزاب معلومات مشوهة عن الحياة السياسية ، أو تترجمها للناس بطريقة تخدم مصالحها فقط. يوجد أحزاب سياسية بسبب بعدها عن السلطة أو ممارستها لها تكون رؤيتها مبتورة أو مشوهة للحياة السياسية ، وبالتالي تكون هي ذاتها بحاجة إلى من يعلمها بما يجري في الحياة السياسية [ هذا النوع يوجد بشكل كبير في العالم الثالث والبلاد العربية ] . من جهة أخرى يوجد أحزاب معارضة تمارس النقد للسلطة أو لأحزاب السلطة بشكل دائم مهما كانت أعمال ومنجزات هذه السلطة . [ هذا النوع متواجد بشكل كبير في الحياة السياسية الديمقراطية ].
د : دور " المعلم " للأحزاب السياسية
يكون هذا الدور تجاه عامة الناس وتجاه ناخبي الحزب. تظهر هذه المهمة أولا من خلال لدور السابق " إعلام المواطنين " . فالرأي العام يتمثل من خلال موقف مجموعة اجتماعية كبيرة أو صغيرة تجاه موضوع أو مشكلة محددة. وهنا لابد من القول أن الرأي العام أصبح أحد أهم مميزات الحياة السياسية المعاصرة والديمقراطية . حيث نتحدث ونحن في الديمقراطيات التعددية عن " حكومة الآراء " . إن الحكومات تبحث دائما للاستناد إلى الرأي العام ، و أيضا الأحزاب السياسية ، ولكن من الصعب الحصول على هذه الآراء من غير المساهمة في تشكيلها بشكل كبير. ولتشكيل الآراء ، الأحزاب السياسية تبحث من أجل الاعتماد أو اعتماد أفكار عن نفسها مباشرة ، أو عن مفاهيم معينة للعلاقات الاجتماعية . هذا النوع من الفعل السياسي الإعلامي يمكن أن يكون فعالا جدا حتى ولو كانت الفكرة كاذبة. يمكن أن يكون التعليم السياسي من خلال المراكز الأكاديمية السياسية ، مراكز الأبحاث .
إذا للأحزاب السياسية دور تعليمي سياسي ، من خلال المساهمة في رفع سوية الوعي السياسي عند الرأي العام ، وعملية توحيد هذا الرأي تجاه قضية ما ، ومن ثم قيادته ليقترع بشكل دائم لقضية ما أو للحزب نفسه. إن الأحزاب تقود المواطنين " لعقلنة " ، ليس فقط الأفراد وضمهم ، بل أيضا المجتمع أو الجماعات.
الأحزاب السياسية تقوم بجهد تعليمي أيضا ، خاص بنوع معين من الناخبين ، وهم الذين سيصبحون من مناصري الحزب أو منتميه ، أو مناضليه. فهي تبحث عن المنتمين وتؤهلهم للترشيح للانتخابات. وقد كانت الأحزاب الشمولية و الدكتاتورية من أوائل المنتبهين إلى هذا الدور للحزب ، حيث لجأت لتأطير الشباب واستغلالهم ، فهؤلاء يتأثرون بشكل كبير وضعف مماثل للدعاية السياسية و الإيديولوجية للحزب أو الجماعة السياسية ، وهذا ما عرف عند النازيين في ألمانيا ، والأحزاب الشيوعية ، و القومية و الإسلامية.
ــــــــــــــــــ