لقد صادف يوم 26 يناير 1986 العيد المئوي الأول لاختراع السيارة ، فقد تم تسجيل هذا الاختراع الخطير في 26 يناير 1886 والسيارة هي بلا منازع أبرز ظاهرة يتميز بها القرن العشرون عن كافة القرون التي سبقته .. إنها بصمته الفارقة وهي تفوق في ذلك الطائرة والسفينة والقطار وسائر منجزاته الأخري .
بدأت القصة في بلدة كارزل ومن في ألمانيا الغربية قبل أكثر من 150 عاما فقد ولد في تلك البلدة وفي عام 1844 وبالتحديد مخترع السيارة كارل بنز.
كان مهندسا ميكانيكياً شد اهتمامه في الستينات من القرن الماضي محرك يعمل بالاحتراق الداخلي وكان ذلك المحرك من انتاج مصنع في باريس يملكه المهندس البلجيكي الذي اخترع ذلك المحرك واسمه ايتين لانوار .
وتجدر الاشارة الي ان عربات الخيول هي العربات الوحيدة التي عرفها الناس في تلك الايام ومنذ اقدم الازمان وان العلماء والمحترعين طالما فكروا او حلموا بتسيير العربات بمحركات تعمل بالاحتراق الداخلي بدلا من جرها بواسطة الخيول ،ـ لا عجب اذن ان احتضن المهندس الالماني كارل بنز ذلك المحرك البلجيكي / الفرنسي وكرس نفسه لتطويره وتحسينه وانفق في سبيل ذلك كل امواله ، غير ان جهوده تكللت بنموذج ناجح ، كفل له اجتذاب المال اللازم لانشاء مصنع له في مدينة منهايم ، وتطوير المحرك الذي ذكرنا بحيث يستطيع تسيير عربة خيول بدون خيول .
وجاء عام 1885 واذا بذلك المصنع يصنع العربة ويستكمل تطوير المحرك ونجح الاختراع إلا ان تسجيله رسمياً تأخر حتي 26 يناير من عام 1886.
علي ان عربة بنز تلك كانت متواضعة فقد قامت علي ثلاثة دواليب لا اربعة تماماً كعربات الخيول مع فارق واحد هو ان عربة بنزل لم جرها حصان وانما سارت بفعل محرك يعمل بالاحتراق الداخلي ويعتمد علي البترول وقودا ولكن قوته كانت محدودة ولم تزد السرعة التي اتاحها للعربة علي 8 اميال وقل مثل ذلك في القابض والواصل ، وفي جهاز نقل السرعة ، فقد كانت ضعيفة وذات عيوب بينة ، ويبدو ان كارل بنزل لم ير في عربته اكثر من مجرد عربة خيول تسير بمحرك تلقائي ودون ان تجرها خيول وقد اخفي محركها تحت مقعد السائق بيد ان التاريخ رأي في تلك العربة اول سيارة عملية عرفها العالم .
وشاءت الاقدار الا يكون كارل بنزل وحيدا فيما تطلع اليه من طموحات وما بذله من جهود فقد اتفق ان كان مهندس ميكانيكي اخر يقوم بمثل تجاربه في نفس وقته وفي نفس منقطته من المانيا ... المهندس ديملر .
ولد جولتليب ديملر في بلدة شورندروف بمدينة شتوجارت لأبوين ميسوري الحال بحيث فاق نظيره كارل بنزل في التعليم النظري والتدريب العلمي .
وركز ديملر علي محرك الاحتراق الداخلي كما فعل كارل بنزل بل اكثر مما فعل فانضم الي المخترع المعروف انذاك نيكولاس اوتو بمساعداً وشكرياً في مصنع انشأه في كولن عام 1882 ومن أجل اختراع وضع المحركات التلقائية ونجح أوتو في صنع المحرك الرائد الذي يعمل بالاحتراق الداخلي .. ويعتمد الغاز لا البترول وقوداً علي غرار المحرك البلجيكي سالف الذكر .. وما لبث ديملر ان احرز نجاحاً كبيراً في تطوير المحرك الذي صنعه اوتو فجاء محركه اكثر كفاءة واخف وزنا وجعل وقوده البترول بدلاً من الغاز .
وراح ديملر بعد ذلك يقوم بالتجارب التطبيقية علي محركه جربه علي دراجة ذات دولابين ثم علي قارب نهري واحرز النجاح في تجاربه كلها ثم اقدم ديملر علي صنع سيارة لذلك المحرك تليق به ويليق بها .. وكان ذلك في عام 1886 وهو نفس العام الذي سجل كارل بنزل اختراعه في مطلعه .
بيد ان سيارة ديمبلر لم تكن عربة خيول بل كانت سيارة بالمعني الدقيق تسير علي اربعة دواليب وبسرعة بلغت 11 ميلاً في الساعة ثم تضاعفت حتي اصبحت 18 ميلاً في الساعة وكانت اجهزتها قوية الواصل وجهاز نقل السرعة...الخ
لا غرابةاذا ان اقدم الكثيرون علي شراء الترخيص لصنع مرحك ديملر سواء في المانيا او بريطانيا او فرنسا وكان من بينهم كارل بينز نفسه .
وأسس ديملر شركته الخاصة بصنع السيارات عام 1890 وباشرت هذه الشركة صنع السيارات باسم " مرسيدس " اعتباراً من عام 1901 وقد اطلقوا عليها هذا الاسم تكريماً للانسة مرسيدس جلينك ابنة شريك ديملر ومموله النمساوي " اميل جلينك " ومن طريف ما يذكر أن المهندسين ديملر وبنزل لم يجتمعا ابداً هذا علي الرغم من شركتيهما اندمجتا عام 1911 في شركة واحدة هي شركة مرسيدس بنز الحالية .
بقي ان نذكر ان الالمان وان كانوا ذوي فضل لا ينكر في اختراع السيارة فقد احتجاوا الي جهود الفرنسيين لتحسين شكل السيارة والي الامريكان وهنري وفرود بالتحديد لجعل السيارة في متناول الجميع وقد كانت وقفاً علي المغامرين وهواة الرياضة والسباق .
اما الانجليز فكانوا خارج الحلبة بل ان حكومتهم سنت قانوناً غريباً يعرف باسم قانون الراية الحمراء ، عمل علي عرقلة المساعي لاختراع السيارة وصنعها فقد حظر ذلك القانون علي العربات السير بسرعة تجاوز 4 أميال في الساعة والزمها بتوظيف رجل يسير امامها ويحمل راية حمراء ، لينذر الناس في الحقول والشوارع بأن العربة الخطيرة ذات المحرك الخطير توشك علي الوصول ولسان حاله يقول :" لقد اعذر من أنذر "