صحابي جليل.. أمه صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وزوج أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما) وهو من السبعة الأوائل الذين دخلوا الإسلام، ومن العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة من أهل الشورى الذين اختارهم الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ليكون الخليفة من بعده، وأول من سلّ سيفه في سبيل الله.
أسلم وهو في السادسة عشرة من عمره، ولقي من عمه العذاب الشديد، فكان يلفه في حصير ويدخن عليه بالنار كي تزهق روحه ويناديه: (اكفر برب محمد أدرأ عنك هذا العذاب) فيجيب الفتى الغض: (لا والله لا أعود للكفر أبداً). كان (رضي الله عنه) فارساً مقداماً.. شهد الغزوات كلها مع رسول الله.. وهاجر إلى الحبشة مع من هاجر من المسلمين، وبقي فيها حتى أذن له الرسول الكريم بالعودة إلى المدينة. وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا، أرسله الرسول (صلى الله عليه وسلم) وعلي بن أبي طالب فوقفا أمام الحصن يرددان: (والله لنذوقن ما ذاق حمزة، أو لنفتحن عليهم حصنهم) ثم ألقيا بنفسيهما داخل الحصن، وأنزلا الرعب في أفئدة المتحصنين داخله وفتحا أبواب الحصن للمسلمين. كان (رضي الله عنه) أجود الناس وأكرمهم، ينفق ماله كله في سبيل الله. يقول كعب عنه: "كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فما كان يدخل بيته منها درهماً واحداً، لقد تصدق بماله كله حتى مات مديوناً، ووصى ابنه عبد الله بقضاء دينه، قائلاً له: "إذا أعجزك ديني، فاستعن بمولاي. فسأله ابنه: أي مولى تقصد؟ فأجابه: الله.. هو نعم المولى ونعم النصير" يقول عبد الله فيما بعد: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض دينه فيقضيه. (رواه البخاري). ورغم طول صحبته للنبي (صلى الله عليه وسلم) إلا أنه لم يرو عنه إلا أحاديث قليلة، وحين سأله ابنه عن السبب، قال: "لقد علمت ما كان بيني وبين رسول الله من الرحم والقرابة إلا أني سمعت رسول الله يقول: "من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" (رواه البخاري). قال عنه النبي الكريم: "إن لكل نبي حوارياً وحواري الزبير" [متفق عليه]. كان (رضي الله عنه) يتفاخر بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال له يوم أحد ويوم قريظة: "ارم فداك أبي وأمي". قُتل (رضي الله عنه وأرضاه) غدراً، يوم الخميس من شهر جمادى الأولى سنة 36هـ وعمره 66 سنة.