يحتفل المسرح الوطني الجزائري، طيلة هذا الشهر، بمرور خمسين سنة على تأسيسه، وفي هذا السياق، شهد حفل افتتاح هذه التظاهرة جملة من التكريمات التي مست أسماء مهمة في الفن الرابع علاوة على العرض الشرفي لمسرحية “نجمة” للمخرج احمد بن عيسى.
بدأ حفل الافتتاح، الذي شهد غياب وزيرة الثقافة خليدة تومي “لأسباب صحية”، بتقديم فيلم من إخراج عبد السلام يخلف، يحكي محطات من مسيرة المسرح الوطني بالصور والديابوراما، وتم فيه عرض صور للمسرحيين القدامى الذين تحدوا المستعمر وأسمعوا كلامهم إلى العالم علاوة على صور تخص النضال السياسي للجزائريين ليكون الجهاد ضد المحتل في كل أوجهه، وكذا ملصقات لمسرحيات قديمة مثل “الشهداء يعودون هذا الاسبوع” و«البوابون” وغيرها.
من جهتها، قدمت فرقة “الجوهرة” توشية “نوبة السلطان” تحت قيادة المايسترو جمال الثعالبي لترافق بعدها، كورال “الجزائر” تحت قيادة المايسترو رابح قادم وهذا لأداء مجموعة من الاغاني الوطنية مثل “عليك مني السلام” و«الحمد لله ما بقاش استعمار في بلادنا” لتكون خاتمة وصلتهم أغنية “فرحة وزهوة”.
وشهد حفل الافتتاح جملة من التكريمات ستتواصل طيلة الشهر، وخصت في يوم الافتتاح أعضاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، وهم طه العامري وبن ابراهيم زهرة المدعوة هندة ورزقاوي حليمة زوجة دري وكواسي صفية ودري إبراهيم، كما تم أيضا تكريم سيد علي كويرات الذي غاب عن الحفل بالإضافة إلى المرحومين مصطفى كاتب ومحمد بودية الذي حضر تكريمه أحد أبنائه. وجاءت خاتمة الافتتاح، بالعرض الشرفي لمسرحية”نجمة” لكاتب ياسين من إخراج احمد بن عيسى، ومشاركة 31ممثلا شابا قدموا من مختلف مناطق الجزائر وشاركوا في الورشة التكوينية حول هذه المسرحية بمغنية، ولم يقتصر المخرج على “نجمة” واحدة بل تعداها إلى أكثر منها لتتحول إلى”نجوم” وتحكي بوضوح عن وطأة المحتل الفرنسي وعمله على طمس الهوية المحلية فلم تكن نجمة رمزا للمحبوبة التي يعشقها الرجال من دون استطاعتهم التقرب منها وانما البلد بأكمله.
وتنطلق أحداث المسرحية من حديث بين شيخ قبيلة “بني كبلوت” وأبناء عشيرته الذين يبشرهم بقدوم شخص اسمه “لخضر” سيكون رمزا للثورية ومناهضا للطغيان، وتتسارع الاحداث وتظهر شخصيات أخرى مثل رشيد ومصطفى ومراد وحسان، تعاني من الضياع وتهتم بالبحث عن هويتها فتجد في “نجمة” ملاذا لها وان كان مليئا بالعذاب.
أما لخضر فيترجم شعوره بالضياع إلى نضال سياسي وعسكري ويلتقي بابنة عشيرته نجمة فيختلط حبه لها بحب الوطن، ليكون النصر للبلد رغم طغيان المستعمر وخيانة “الحركى” الذين سببوا الضرر الكبير للبلد.
واختار احمد بن عيسى في عمله هذا، ازياء تقليدية جميلة من مختلف مناطق الجزائر، كما استعمل العديد من اللهجات الجزائرية وكذا الأمازيغية وهو التعدد الذي يميز الثقافة الجزائرية واستخدم أيضا لوحات كبيرة ترمز إلى تغيّر في المشاهد مثل لوحة ترمز إلى السماء، بالإضافة إلى أخيلة في لوحات أيضا تعبر عن تداخل في المشاهد، بين مشاهد واقعية مباشرة وأخرى تحدث في الظل.
بالمقابل، اعتمد المخرج على مشاهد طويلة وأخرى قصيرة بل منها ما لا تتعدى الثواني جعل من الصعب خاصة لمن لم يطالع رواية “نجمة” تتبع أحداثها، فكانت المشاهد تتسارع والشخصيات تتغير بسرعة ونفس الشيء بالنسبة للازمنة والامكنة، ورغم أن المخرج تحدث في الندوة الصحفية التي أجراها أياما قبل العرض، عن تبسيط العمل لكي يصل إلى الجمهور العريض، إلا أن بعض الحاضرين لم يفهموا تفاصيل العمل، رغم استعمال المخرج لرواة مختلفين يتدخلون مرة على مرة لشرح الاحداث.
وزاد من صعوبة الفهم عند البعض، الصوت المنخفض للممثلين، وقال أحد المسرحيين لـ«المساء” إنه يشعر بالخيبة امام هذا العمل الذي اعتبره طويلا ومملا، مضيفا أنه عمل جاء خصيصا لمناسبة الخمسينية، أي يحمل خطابا خاصا بالمناسبات، مضيفا أن طريقة الاخراج كانت تقليدية محضة، متسائلا: كيف لشبان اليوم أن يمثلوا في مسرحية قديمة بإخراج قديم؟ بالمقابل، أبدى مسرحي آخر إعجابه الكبير بمسرحية “نجمة” إخراجا وتمثيلا.