''نمل أمازوني بطول 4 سنتيمترات
يغزو المنازل ويلتهم كل ما هو موجود.. هو ليس مشهدا من مشاهد أفلام
الرعب وسيناريوهات هوليوود، بل هو حقيقة في بني عمران بولاية
بومرداس. ''ضعوا أقنعتكم قبل دخول المنزل''.. هكذا خاطبتنا السيدة
عياش المقيمة ببلدية بني عمران، بعد أيام من اجتياح حشرات أمازونية
غريبة منزلها الكائن بالحي التساهمي، والتي حوّلت حياتها وحياة
عائلتها الى جحيم، تحت وطأة الهلع والاستنفار الشديد، جراء غزو هذه
الحشرات الغريبة لمنزلها الذي تحوّل إلى مركز للأبحاث لدراسة هذه الظاهرة
الغريبة.هي كارثة حقيقية تعد الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر،
تسببت في تشريد عائلة بأكملها بعد أن أتى هذا النمل الطائر أحمر اللون
الذي يصل طوله إلى 4 سم، على القاعدة الأرضية للمنزل التي تآكلت عن
آخرها وحوّلته إلى قبو يضم ملايين الحشرات التي تنوع شكلها وحجمها،
خاصة في ظل وجود ملكات تبيض في كل لحظة، محوّلة المنزل إلى مجمع
للخلايا النشيطة.كانت الساعة تشير إلى 11 صباحا، عند وصولنا إلى مدينة
بني عمران.. البحث عن المنزل لم يتطلب عناء كبيرا، فبمجرد السؤال
عن ''دار النمل'' تم إرشادنا إليه، وإذا بسيدة شاحبة اللون ومنهكة
القوى تفتح لنا الباب، وبعد السؤال عن هويتنا ومعرفتها من نكون، رحبّت
بنا في منزلها الذي لم يعد كذلك، حيث أصبح ضيوف غير مرحب بهم
يسودون داخله وقلبوه رأسا على عقب، والسبب هو أن عملية التنظيف والقضاء
على النمل الأمازوني تطلبت نزع كل الأثاث، لكن الطامة الكبرى هو أن هذه
الحشرات اتخذت من أرضية المنزل مكانا لتكاثرها.السيدة عياش، وهي
ممرضة بالعيادة متعددة الخدمات في بني عمران، وأم لأربعة أطفال،
قالت إن ''أول ظهور للنمل الأحمر الطائر كان في المطبخ، حيث كان
الأمر في البداية عاديا''، لتضيف بالقول أنها قامت بتنظيفه بمساعدة
ابنتها الكبرى، لكن وبعد ساعات تفاجأت بتشكل هرم من النمل في قاعة
الاستقبال، كاشفة: ''ولم أتمالك نفسي فناديت على أفراد عائلتي
الذين لم يفهموا الوضع، فابني محمد شريف هرع لإحضار الفليتوكس
لكنني عارضت الفكرة حتى لا تنتشر الحشرات في كل أرجاء المنزل، ثم
حملت بعد ذلك مناشف مبللة ورميتها فوق الهرم الذي كان يضم حوالي 3
كلغ من تلك المخلوقات، لأقوم بسد الثقب، وما هي إلا لحظات حتى
سمعت صراخ ابنتي لاكتشفاها كما هائلا من النمل يزحف عبر كامل أرجاء
المنزل''.وتضيف نفس المتحدثة: ''بعدها قمنا بصب روح الملح
و''الأسيد'' إلى جانب الجافيل، لكن دون جدوى، وفي هذه الاثناء
تأكدت من أن الأمر خطير فاتصل زوجي بمصلحة الاستعلامات التي أشارت عليه
بالاتصال بمصالح البلدية، حيث اتصل زوجي بأحد المنتخبين الذي تنقل
على جناح السرعة إلى المنزل في حدود الساعة الثامنة ليلا وأخذ عينة من
حشرات النمل، وبعد مدة قصيرة تدخل المير رفقة وفد من البلدية ووجه
تعليمات صارمة للقضاء عليه''.تسكت صاحبة المنزل برهة وتتنهّد ثم تقول:
''مباشرة بعد ذلك وعلى جناح السرعة حضرت فرقة من مصلحة النظافة مرفوقة
بأطباء وبيطري، وبعد معاينة المكان تقرر تحطيم أجزاء من المنزل وإحداث
ثقوب في أرضيته، وبعدها تم ضخ كميات هائلة من مبيد خاص يحمل إسم''
فيكتور''، لكن الوضع تأزم أكثر بعدما تم اكتشاف كميات أكبر في أرضية
المنزل ملتصقة بين القاعدة الإسمنتية والسيراميك، فتقرر ضخ كميات أخرى
من المبيد فاقت 150 لتر''.إلى غاية هذه الأحداث، كان يبدو أنه قد
تم التحكم في الوضع، لكن وبعد ساعات من تواجدنا بالمنزل، تكرر
السيناريو من جديد، وذلك بعد أن تسبب سرب من النمل الطائر في هدم حائط
الصالون، ما استدعى التدخل العاجل للمصالح المعنية، التي حوّلت جانبا
من المنزل إلى ركام، غير أنه وإلى حد كتابتنا هذه الأسطر، لم يتم
التحكم في الوضع وتركنا العائلة تصارع تلك المخلوقات الغريبة، طالبة
إجلاءها من المنزل وترحيلها قصد تعقيمه كليا، حيث ناشدت العائلة السلطات
المحلية التدخل لايجاد حل لوضعها، خاصة وأنه تم تحطيم أجزاء كبيرة من
مسكنها، حيث قالت السيدة عياش التي كانت مرفوقة بزوجها: ''نشكر جارنا
الذي آوانا لمدة ثلاثة أيام، ولكن اليوم نطالب بترحيلنا إلى مكان
آخر، فلا يمكننا العيش وسط هذه المخلوقات التي قد تودي
بحياتنا''.
رئيس البلدية: ''نتحكم في الوضع وإن استدعى الأمر سنهدم المنزل بأكمله''رئيس المجلس الشعبي البلدي لبني
عمران، ''عفرة احمد''، قال في تصريح لـ''النهار'': إن المدينة
لم تشهد في تاريخها ظاهرة مماثلة وأنه تم تجنيد كافة الوسائل للقضاء
نهائيا على هذه المخلوقات التي تهدد سلامة العائلة وجيرانها''، مضيفا
أنه وإلى حد الآن تم تحطيم أجزاء من المنزل، وإن استدعى الأمر سيتم
تهديمه كليا، وأتعهد بأنني سأتكفل شخصيا بالعائلة المنكوبة''.
مختص في علم الحشرات: ''المنزل يؤوي ملكات ولودة تهدّد باجتياح المدينة بأكملها''من جهته، أكد الدكتور ''حمو''،
وهو مختص في علم الحشرات، أنه لا بد من القضاء بسرعة على هذه
المخلوقات، وينبغي وضع حد نهائي للملكات التي تعيش تحت أرضية
المنزل، لأنها تعمل حسبه على ولادة العديد من أسراب النمل في ظرف
قياسي، مضيفا أن المنزل يحتوي على أجيال مختلفة ومتنوعة من هذه
السلالة، مؤكدا في نفس الوقت أنه تم أخذ عينة للمختبر لتحليلها، لكنه
لم يتم تحديد صنفها بعد، في ظل وجود أكثر من 3 آلاف نوع من هذه
الحشرات، ليرجح نفس المتحدث أنه بمقدور النمل الأحمر الطائر أن يجتاح
منازل الجيران خلال الساعات القادمة.
ما هو النمل الأمازوني؟هو نمل ضخم يميل لونه إلى الاحمرار،
يعيش ويتكاثر في المناطق الاستوائية المعروفة ببيئتها الرطبة، خصوصا
في غابات الأمازون، غير أنه سجل تواجده منذ سنوات في مناطق جافة مثل
أستراليا، حيث تبين أن النمل الأحمر المعروف باسم النمل الناري، تمكّن
من تغيير جيناته الوراثية ليتأقلم مع المناطق الحارة والجافة، وهو اليوم
يجتاح الجزائر وبالتحديد ولاية بومرداس. وفي أغلب الحوادث التي تم
فيها تسجيل ظهور النمل الأحمر الطائر في غير بيئته الطبيعية، تبين أن
من طرق تحوّله إلى تلك البيئات الغريبة عنه، هو تنقله عبر شحنات الخشب
المستورد.جريدة النهار
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]