ولد عبد الحميد كرمالي يوم 24 أفريل 1931 بمدينة سطيف، وسط عائلة كانت تعيش ظروفا صعبة، خاصة بعد وفاة والده و عمره لا يتعدى 10 سنوات فقط، وبسبب الظروف القاسية لم يتمكن عبد الحميد الدراسة، حبه للساحرة المستديرة كان منذ طفولته،جعله يلعب في اكبر النوادي العالمية، و كانت البداية في أزقة سطيف رفقة أصدقائه بالأحياء الشعبية مثل باقي الاطفال يلعبون الكرة في الشوارع. تمّ اكتشاف كرمالي من طرف ثلاثة أشخاص يبحثون في الأحياء الشعبية بمدينة سطيف على المواهب الشابة، إلى أن حطت أعينهم على الموهوب إبن مدينة عين الفوارة، وأسماؤهم هي بن عودة (لياص) عبيد، وعبد القادر لخليف. و في سنة 1948 كان عمره آنذاك لا يتعدى 17 سنة، و ارتدى كرمالي بذلة اتحاد سطيف في مباراة جمعت الاتحاد بفريق أ. آس يون، تمكن من خطف أنظار المتتبعين بتسجيله هدفين على طريقة الكبار في تلك الحقبة، بعدها مباشرة أمضى عقدا مع اتحاد الجزائر و هو في نفس الوقت لاعب باتحاد سطيف، مما كلفه عقوبة توقيف لمدة عامين، ليجد نفسه بدون مهنة، حيث كان شغله الشاغل كرة القدم لا غير لأن مستواه العلمي لا يسمح له بإيجاد عمل مناسب.
التحاقه بالنوادي الفرنسية
و بعد هذه الحالة المزرية التي عاشها بعد توقيفه من اللعب لمدة سنتين في الجزائر، فضّل الذهاب إلى فرنسا، و بالتحديد في مدينة ميلوز وعمره 19 عاما، فأمضى بعض الوقت هناك ثم عاد إلى الجزائر و لعب مرة أخرى مع اتحاد الجزائر الذي لم يبق فيه لمدة طويلة، حيث عاد إلى ميلوز ليبدأ مرحلة جديدة في حياته الكروية، حيث لعب في فريق كان إلى جانب المرحوم مختار عريبي ومصطفى زيتوني، وبعد مدة في كان انتقل للعب في أولمبيك ليون، خاصة وأن هذه المدينة كانت تعج بالجزائريين الذين يتوافدون على الملعب بكثرة لرؤية هذا النجم القادم من عين الفوارة، لتنتهي مسيرته الكروية بفرنسا في أفريل 1958.
انضمامه الى جبهة التحرير الوطني
و إلتحق عبد الحميد كرمالي بفريق الجبهة يوم 20 أفريل 1958 بالعاصمة التونسية، مشكلا من نجوم البطولة الفرنسية أبرزهم رشيد مخلوفي، مصطفى زيتوني، المرحوم مخطار لعريبي وقد ترك كل ما لديه بليون من مال وشهرة وبطولة، ليتفرغ لمخطط الجبهة، وكانت الرحلة شاقة ومليئة بالمخاطر، عبر سويسرا وإيطاليا ومن ثم الالتحاق بتونس. وتتواصل رحلة الكفاح من أجل تحرير الجزائر عبر القارات، على غرار الصين، العراق، مصر، يوغسلافيا، وغيرها من البلدان التي كانت واقفة بجانب القضية الجزائرية العادلة وهو تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، عبد الحميد كرمالي الذي يبلغ من العمر 82 سنة، أمضى سنوات تاريخية مع فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم، الذي لعب له العشرات من المباريات ضد منتخبات عالمية وكان واحدا من الذين أمطروا شباك الأندية والمنتخبات وأمام فرق كانت توصف بأن وزنها ثقيل. وفي نهاية الخمسينات وبداية الستينات، سجل عبد الحميد كرمالي عندما كان نجو أولمبيك ليون 13 هدفا في 65 مباراة لعبها مع هذا الفريق في القسم الأول للبطولة الفرنسية، وكان مهاجما من الطراز العالي، مركزه الجناح الأيمن الجناح الطائر. و عاد إلى الفريق الذي تربى فيه وبدأ معه، وعمره لا يتعدى 17 سنة، إنه اتحاد سطيف، ثم لعب للوفاق الذي نال معه أول كأس عبد الاستقلال وكان صاحب أول هدف في أول كأس بعد تسجيله لهدف إثر كرة ثابتة ضد ترجي مستغانم الذي نشط أول نهائي للجمهورية الجزائرية بعد الاستقلال مع الوفاق السطايفي عام 62 / 63.
دخول كرمالي الى عالم التدريب
دخل نجم فريق الجبهة ونجم الكرة الجزائرية عالم التدريب، حيث أشرف على عدة فرق، منها ترجي مستغانم، مولودية الجزائر، الوفاق، وفريق الوطني الأواسط الذي وصل به إلى أعلى المراتب عالميا، كمدرب خارج الديار، الاتحاد الليبي، مرسى تونس ورأس الخيمة الاماراتي، دون أن ننسى المحاضرات التي ألقاها هنا وهناك في المجال الكروي.
منذ الاستقلال والفريق الوطني يشارك في كأس أمم إفريقيا وأشرف على الخضر أكثر من مدرب على غرار خالف، معوش، خباطو، لموي، وغيرهم من المدربين المعروفين ما عدا مخلوفي الذي أهدى للجزائر ميداليتين ذهبيتين ألعاب المتوسط 1975 والألعاب الإفريقية 1978، في حين تمكن كرمالي سنة 1990 من كسب التاج القاري لأمم إفريقيا الوحيد في تاريخ الكرة الجزائرية، ليبقى شاهدا على عظمة الرجل وقدرته على تحمل مجال التدريب باقتدار.
وبعد إهدائه الجزائر أول كأس قارية عام 1990، لم يتوقف عن النشاط الرياضي، وحتى تقدمه في السنّ لم يمنعه من الإسهام من أجل تنوير الشباب وتدعيم الكرة الجزائرية عامة والخضر خاصة، لأنه كما قال ونحن نتحدث معه ذات يوم فإنّ الحنين إلى الكرة المستديرة لا زال يسري في عروقه، لأنه يتذكر أيام الزمن الجميل حين كان شابا مع الرفقاء في قلب فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم، والفرق المدنية، ليبقى كرمالي رمزا متميزا عن بقية المدربين نظرا لشعبيته وتواضعه، إنه رجل التحديات، وهذا باعتراف السياسيين والرياضيين وكل الذين عايشوه، فليبقى رمز الذاكرة الكروية الجزائرية التي أدخلها في سجل القارة السمراء عام 1990 كما تمنى.