خطورة بخاره في أنه يبقى في المكان لفترة طويلة*
الزئبق: سمّ إذا استنشق وعﻼج إن شرب*
عند ذكر كلمة الزئبق يفكر الكثيرون في هذه المادة السائلة فضية اللون الموجودة في العديد من اﻷجهزة التي يتعاملون معها في حياتهم اليومية مثل ميزان الحرارة (ترمو ميتر) لقياس درجة الحرارة وقواطع الدوائر الكهربائية التي كانت منتشرة في الماكينات حتى منتصف القرن العشرين التي كانت عبارة عن مفتاح يعتمد على ملفات مغناطيسية تتﻼمس مع مواد معدنية فيحدث التوصيل . ليس هذا فحسب بل إن الزئبق يدخل أيضاً في تصنيع لمبات الفلورسنت واللمبات الموفرة للطاقة، وحتى في بعض المواد الغذائية .
تكمن خطورة الزئبق السائل في أنه يتبخر في درجة حرارة الغرفة، وبالتالي تختلط ذرات الزئبق مع الهواء دون أن يدركها اﻹنسان خاصة أنها عديمة الرائحة واللون . وعندما يستنشق اﻹنسان هذا الهواء فإن ذرات الزئبق تدخل للرئة وتصل بالتالي إلى الدم والمخ .
ومن بين أعراض التسمم بالزئبق السائل، حدوث اضطرابات في النوم وتهيج الجلد . وقد حدد اﻷطباء مجموعة من اﻷعراض الخاصة بالتسمم الذي يسببه الزئبق السائل، كما يقول توماس جيبل خبير السموم بالهيئة اﻻتحادية لﻸمراض الناتجة عن ظروف العمل في مدينة دورتموند اﻷلمانية: “ثمة حاﻻت موثقة تاريخياً ترصد حدوث تغيير في طريقة كتابة بعض اﻷشخاص، حيث ﻻحظنا أن خطهم يميل دائماً ﻷسفل في نهاية السطر إذ إنهم فقدوا القدرة على الكتابة في خط مستقيم” .
وربما يعتقد البعض أن سقوط الترمومتر على اﻷرض وتكسره حادث بسيط . لكن الحقيقة أنه من الممكن أن يصبح ذلك أمراً شديد الخطورة على اﻹنسان الذي قد يصاب بتسمم الزئبق السائل . وتزداد المخاطر إذا حدث ذلك في غرفة اﻷطفال ودخلت مادة الزئبق السائل لجسم اﻷطفال عن طريق الجروح السطحية مثﻼً .
وتكمن خطورة بخار الزئبق السائل في أنه يبقى في المكان لفترة طويلة كما يوضح جيبل قائﻼً: “اﻷمر هنا يختلف عن بخار الماء الذي يختفي بسرعة فالزئبق السائل يتبخر ببطء على مدى أيام وأسابيع طويلة ويحتاج لفترات طويلة حتى تزول آثاره” .*
ويشير يوخن فﻼسبارت رئيس الهيئة اﻻتحادية اﻷلمانية للحفاظ على البيئة، إلى المخاطر المتزايدة الناتجة عن الزئبق السائل خصوصاً في الدول النامية التي تعتمد على عمالة اﻷطفال في تفكيك مصابيح الفلورسنت القديمة للحصول على اﻷجزاء المعدنية بداخلها . ويتذكر الخبير بفزع إحدى زياراته للهند والتي شاهد فيها اﻷطفال وهم يقومون بهذا العمل ويقول: “رأيتهم يكسرون اللمبات ببساطة وبالتالي تمتلئ منازلهم ببخار الزئبق السائل” .
وﻻ تقتصر الخطورة على الزئبق السائل فحسب بل تمتد لملح الزئبق والكثير من مشتقاته . وعندما ينتهي الحال بهذه المواد في البحار واﻷنهار مع المخلفات الصناعية فإن الكائنات البحرية تمتصها وبالتالي فهي تعود لﻺنسان مرة أخرى بشكل مكثف عن طريق تناول اﻷسماك مثﻼً . ووصول كميات مكثفة من الزئبق لجسم اﻹنسان عن طريق الكائنات البحرية ﻻ يؤثر في الجهاز العصبي فحسب بل في الخصوبة أيضاً .
والمفارقة أن اﻷطباء في نهاية القرن التاسع عشر كانوا يعطون لمرضى اﻻنسداد المعوي كميات كبيرة من الزئبق السائل كوسيلة لعﻼج هذا اﻻنسداد . ويوضح جيبل هذا التناقض قائﻼً: “إن شرب الزئبق السائل قد ينظف اﻷمعاء بشكل رائع غير أن تناوله عن طريق الفم يختلف تماماً، عن استنشاقه” .
وعندما يتحول الزئبق السائل لبخار فإن ذراته تكون منفصلة في هذه الحالة وتمتصها الرئة بسهولة وبالتالي تظهر آثارها السامة على الجسم على عكس من تناوله بالفم في الصورة السائلة . لكن مع ذلك ﻻ ينصح جيبل بتجربة تناول الزئبق السائل كوسيلة عﻼجية خاصة مشيراً إلى أن معظم المرضى آنذاك لقوا حتفهم بسبب هذا العﻼج ﻷن مخاطر استنشاق بخار الزئبق تظل قائمة حتى أثناء تناوله كسائل . (دويتشه فيله)
140 دولة تتفق على خفض انبعاثات الزئبق
قال متحدث باسم برنامج البيئة التابع لﻸمم المتحدة إن أكثر من 140 دولة توصلت إلى اتفاق لخفض انبعاثات الزئبق بعد محادثات مطولة في جنيف . وقال نيك نوتال لرويترز إن اﻻتفاق يهدف إلى سحب تدريجي للعديد من المنتجات المنزلية التي تستخدم الزئبق مثل موازين الحرارة وبعض مصابيح اﻹضاءة الفلورسنت وخفض اﻻنبعاثات من محطات الطاقة ومصانع اﻷسمنت .
وأضاف “تمت الموافقة على معاهدة لبدء تخليص العالم من معدن خطير على الصحة صباح 19 يناير/كانون الثاني” .
وقال برنامج البيئة التابع لﻸمم المتحدة إن معاهدة ميناماتا المتعلقة بالزئبق قد تحتاج إلى ما بين ثﻼثة وخمسة أعوام حتى تكون سارية .*
وتحمل المعاهدة اسم مدينة يابانية أصيب سكانها بالتسمم في منتصف القرن العشرين بسبب اﻻنبعاثات الصناعية للزئبق .
وتابع: “إن مناجم صغيرة للذهب تستخدم الزئبق كعامل حفاز لفصل الذهب عن الخام سيجري حمايتها أيضاً في المعاهدة” .*