عاشت مصر، أمس، يوما جديدا من المواجهات العنيفة بين قوات الأمن وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، عقب صلاة الجمعة في العديد من المحافظات المصرية، ما أسفر عن سقوط المزيد من الضحايا في صفوف الطرفين، في ظل استمرار تبادل التهم بين الفرقاء وتضارب الأخبار حول الحصيلة الأولية للقتلى التي جاوزت خمسين شخصا.
جاءت المواجهات بعد محاولة قوات الأمن المصرية منع مظاهرات أنصار مرسي من الخروج تنفيذا لحالة الطوارئ وحظر التجول والتي يُمنع بموجبها التجمهر في الأماكن العمومية، في الوقت الذي دعا تحالف أنصار الشرعية إلى الخروج في مظاهرات ”جمعة الغضب” تنديدا بالأحداث الدموية التي راح ضحيتها أكثر من 600 من أنصار الرئيس المعزول خلال فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية والنهضة، وقد أكد تحالف الشرعية على الاعتصام في أماكن أخرى، في إشارة إلى محاولة المظاهرات العديدة التي خرجت من المساجد القاهرية التوجه إلى ميدان مصطفى محمود بمحافظة الجيزة، غربي القاهرة في تأكيد على الثبات على الاعتصام والاستمرار بالمطالبة بعودة الرئيس المعزول و«محاسبة من تسبب في إراقة دماء المصريين”، على حد تصريحات القيادي الإخواني محمد البلتاجي، الذي أكد المقربون منه أنه لم يكن ضمن مجموعة القياديين المعتقلين أول أمس، باعتبار أن أبناءه أكدوا عدم قدرته حضور جنازة ابنته الوحيدة أمس خشية إلقاء القبض عليه من طرف الأمن المصري.
وكانت التقارير الإخبارية الواردة من مصر أكدت أن المواجهات العنيفة انطلقت فور إقدام قوات الداخلية والجيش على إطلاق الرصاص في الهواء من أجل محاولة تفريق المتظاهرين، فيما أكدت التقارير المصرية الرسمية أن جماعات مسلحة كانت ضمن المتظاهرين قامت بإطلاق الرصاص الحي باتجاه العمارات والمباني العمومية وقوات الأمن، لتبدأ بعد ذلك مواجهات عنيفة راح ضحيتها العشرات، مع الإشارة إلى أن ذات السيناريو تكرر في العديد من المحافظات المصرية التي شهدت خروج أنصار الرئيس المعزول للتنديد بالأحداث الدموية لرابعة والنهضة. فقد أكدت التقارير الإخبارية سقوط قتلى في كل من مدينة دمياط، الإسماعيلية، الإسكندرية وغيرها من المناطق التي عاش مواطنوها يوما يملؤه الدخان والغاز المسيل للدموع.
من جانب آخر، استمرت ردود الفعل الدولية المنددة بما اتفق على تسميته اللجوء المفرط للقوة من طرف قوات الأمن المصرية في حق المدنيين، فقد شدد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، باراك أوباما، على دعوة السلطات المصرية المؤقتة إلى الحد من استعمال العنف والحفاظ على حق المواطنين في التظاهر، مشيرا في السياق إلى إلغاء المناورات العسكرية المقررة بين جيشي البلدين، في إشارة إلى رفض إدارة البيت الأبيض الحل الأمني للأزمة المصرية وإن لم يأت على ذكر إمكانية إلغاء المساعدات الأمريكية للجيش والمقدرة بحوالي مليار ونصف دولار.
ولم تقتصر ردود الفعل الدولية على الموقف الأمريكي وإنما شملت الاتحاد الأوروبي، إذ دعت المستشارة الألمانية أنكيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند متحدثين باسم الاتحاد إلى ضرورة وقف أعمال العنف في مصر والعودة إلى الحوار السياسي، أما تركيا فقد شهدت تصعيدا في علاقتها مع مصر بعدما استدعت سفير القاهرة لديها للتنديد بطريقة فض الاعتصام ”العنيفة”، فيما جاء الرد المصري بإلغاء مناورات عسكرية كانت مقررة أكتوبر المقبل للتعبير عن رفض السلطات المصرية المؤقتة لما أسماه بيان المجلس الوزاري ”تدخل تركيا في الشأن المصري”، وذلك على خلفية وصف رئيس الوزراء طيب رجب أردوغان لفض الاعتصام بالمجزرة المرتكبة من قبل السلطات المصرية، مع الإشارة إلى أن أغلب العواصم الغربية ناشدت مواطنيها عدم التوجه إلى مصر أو سرعة المغادرة حفاظا على حياتهم.
داخليا، تسببت المواجهات العنيفة في إحداث تصدع في جبهة الإنقاذ التي كانت تضم القوى الثورية والأحزاب المناهضة للرئيس المعزول، وذلك على خلفية استقالة نائب رئيس الجمهورية المكلف بالعلاقات الخارجية، محمد البرادعي والذي تعرض إلى حملة هجوم من طرف الجبهة، ما اضطر المتحدث باسمها خالد داوود إلى إعلان استقالته هو الآخر اعتراضا على تأييد أحزاب الجبهة للحل الأمني بغض النظر عن الحصيلة الثقيلة للقتلى من المدنيين، مبديا اعتراضه على لجوء السلطات للقوة في فض الاعتصام وتجاوز الأزمة. في المقابل، أكد عصام العريان، نائب حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لتنظيم الإخوان أن ”الشعب المصري يستكمل ثورته رغم الغضب والمجازر الوحشية”