إن أهم ما يجب صرف الهمم والعقول للاعتناء به هو ما يحقق به العبد الغاية السامية التي من أجلها أوجده الله سبحانه في هذه الحياة، وهو توحيد الله وعبادته، وهذا الموضوع يعد محور مواضيع رسالة الإسلام الخالدة حيث نجد القرآن يبدئ ويعيد ذكره وتقريره في جميع السور إن لم نقل الايات ، وما ذلك إلا لأهميته البالغة في حياة الانسان وعلاقته بربه، ولا سعادة أيها الإخوة الأفاضل وأيتها الأخوات الفضليات إلا بتحقيق التوحيد الخالص قولا وعملا واعتقادا.
قال عز من قائل في محكم تنزيله: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} حيث قال أهل التفسير أن قوله تعالى يعبدون معناها يوحدون ، كما أن قبول الأعمال الصاحة مرهون ومتعلق بشرطين أساسيين وهما الإخلاص والمتابعة ، أي تحقيق التوحيد وذلك بإخلاص جميع الأعمال لله وكذلك متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وحسن الاقتداء به في جميع الأعمال والأقوال والاعتقادات التي يتوجه بها العبد إلى ربه.
ولعل مايزيد أمر التوحيد خطورة وأهمية أن الوقوع في ضده وهو الشرك سبب لإحباط الأعمال لأن الشرك أعظم الذنوب على الإطلاق قال تعالى: { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين} وقال تعالى أيضا: {إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء...}
وللموضوع تتمة إن شاء الله ، أسأل الله تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرزقنا كمال التوحيد وكمال الاتباع لرسوله الكريم وأن يرزقنا الصدق والإخلاص في القول والعمل في السر والعلن ،وأن يجنبنا مضلات الفتن ما ظهر منها ومابطن فإنه ولي ذلك والقادر عليه.